جاري تحميل ... صقر الفوايد والشرايد

إعلان الرئيسية

إعلان في أعلي التدوينة

خطبة مكتوبة بعنوان اقسام توحيد الله.. بقلم: ابي عبدالله فهمي البوري

خطبة جمعة
التوحيد


إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, واشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, واشهد آن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا)
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
فان خير الحديث كتاب الله, و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار))  .
وبعد :
إن من اجل النعم قدرا وأعظمها خطرا هداية الله لنا لمعرفته والإقرار بتوحيده, إذ  لا يدخل العبد الإسلام إلا به, كما إن ضده الشرك من أعظم المناهي وبه يخرج من الإسلام, وهو الغاية المرضية التي من اجلها خلق الله الخلق, قال سبحانه وتعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)الذاريات56, ومن اجل ذلك أرسل الرسل وانزل الكتب, قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل امة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)النحل36 , وذلك أن وجوب معرفة الله تعالى وصفاته يكون بالسمع لا بالعقل, وهو وحي الله إلى رسله قال تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه انه لا اله إلا أنا فاعبدون)الانبياء25 , (وقد استدل إبراهيم عليه الصلاة والسلام بأفعاله المحكمة المتقنة على وحدانيته . بطلوع الشمس و غروبها وظهور القمر وغيبته وظهور الكواكب وأفولها. ثم قال :{لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الظالمين}الانعام77 . فعلم أن الهداية وقعت بالسمع)اللالكائي1/147 .
ولذا لم نطق أناس من المتكلمين الذين حكموا عقولهم على وحي رب العالمين, واستجهلوا من كان قبلهم من السابقين الأولين (كثر في الدين اضطرابهم , وغلظ عن معرفة الله حجابهم , واخبر الواقف على نهاية إقدامهم بما انتهى إليه أمرهم حيث يقول:
لعمري لقد طفت المعاهد كلها****وسيرت طرفي بين تلك المعالم
فلم أرى إلا واضعا كف حائـر****علــى ذقــن أو قارع ســن نادم
واقروا على أنفسهم بما قالوه متمثلين به أو منشئين له فيما صنفوه من كتبهم كقول بعض رؤسائهم:
نهــاية إقــــدام العقـــــول عقـــال****وأكثر سعي العالمين ضـــــلال
وأرواحنا في وحشة من جسومنا****وحاصـــــــل دنيانا أذى ووبال
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا****سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
....ويقول الآخر منهم : أكثر الناس شكا عند الموت أهل الكلام)مجموعة الفتاوى5/10-11 .
والتوحيد لغة:
(مصدر قولهم : وحد يوحد وهو مأخوذ من مادة ((و ح د)) التي تدل على الانفراد, يقول ابن فارس: ومن ذلك الوحدة, ومنه هو واحد قبيلته إذا لم يكن فيهم مثله, قال الشاعر:
يا واحد العرب الذي****ما في الأنام له نظير
والواحد أيضا المنفرد )نظرة النعيم4/1296 .
واصطلاحا:
(إفراد الله سبحانه بما يختص به من الربوبية والالوهية والأسماء والصفات)كتاب التوحيد العثيمين1/11 .
 التوحيد نوعان:
( الأول التوحيد العلمي الخبري ألاعتقادي المتضمن إثبات صفات الكمال لله عز وجل وتنزيهه فيها عن التشبيه والتمثيل وتنزيهه عن صفات النقص , وهو توحيد الربوبية والأسماء والصفات.
والثاني: التوحيد ألطلبي ألقصدي الإرادي, وهو عبادة الله وحده لا شريك له وتجريد محبته, والإخلاص له وخوفه ورجاؤه والتوكل عليه بالرضا به ربا والها ووليا , وان لا يجعل له عدلا في شي من الأشياء , وهو توحيد الإلهية) معارج القبول1/121 .
والأول مُتضمن سورة الإخلاص, والثاني مُتضمن سورة الكافرون.
والقران من أوله إلى آخره في تقرير التوحيد لأنه:
 إما خبر عن الله عز وجل وما يوجب أن يوصف به وينزه عنه وهو التوحيد العلمي الخبري ألاعتقادي.
وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له, وخلع ما سواه, وهو التوحيد ألطلبي الإرادي.
وإما أمر أو نهي, فذلك من حقوق التوحيد ومكملاته.
وإما خبر عن إكرام أهل التوحيد, أو التنكيل بالمشركين, وذلك من جزاء التوحيد.
فالقران كله في تقرير التوحيد بنوعيه واقرأ إن شئت (الله لا اله الاهو له الأسماء الحسنى)طه8 وحقوقه :( ومآ ءاتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا)الحشر7 وجزائه فاقرأ في إكرام أهل التوحيد:( إنا لننصر رسلنا والذين امنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد), وفي إخزاء أهل الشرك: (واتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين).
والنوع الأول وهو التوحيد العلمي الخبري ألاعتقادي وهذا ينقسم إلى قسمين:
الأول: توحيد الربوبية: (وهو إثبات حقيقة ذات الرب تعالى وصفاته وأفعاله وأسمائه, وتكلمه بكتبه وتكليمه لمن شاء من عباده, واثبات عموم قضائه وقدرته وحكمته)كتاب التوحيد11. ومن أدلته:
الدليل الفطري: وذلك أن الفطر شاهدة بوجوده , ومجبولة على الإقرار به, فإن الاعتراف به ضروري في الفطر السليمة, (واختلف العلما في معنى الفطرة على أقوال متعددة منها الإسلام, قاله ابوهريرة وابن شهاب وغيرهما, وقالوا: هو المعروف عند عامة السلف من أهل التأويل واحتجوا بالآية: {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون}الروم30 . وعضدوا ذلك بحديث عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس يوما: {ألا أحدثكم بما حدثني الله في كتابه, أن الله خلق آدم وبنيه حنفاء مسلمين...}القرطبي8/53 . أي أن الطفل يخلق سليما على الميثاق الذي أخذه الله على ذريته حين أخرجهم من صلبه, وإنما يغير هذه الفطر الآباء كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما من مولود إلا يولد على الفطرة – وفي رواية على هذه الملة – وأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه..)مسلم .
الدليل العلمي: فإن الناظر في هذه العوالم علويها وسفليها يدرك أن لها موجد أوجدها ويتصرف فيها ويدبر أمرها, ومحال أن توجد نفسها. قال تعالى: (أم خلقوا من غير شي أم هم الخالقون. أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون), قال ابن عباس أي من غير رب,اه فإن من أنكر الخالق لم يجز له أن يوجد نفسه, لأن ما لا وجود له كيف يخلق , ومن باب أولى خلق غيره, فتعين وجود الخالق ضرورة.
والمتفكر في هذه العوالم يجد الكون مشحونا بها, وكثيرا ما يرشدنا ربنا في القرآن إلى ذلك ومنها: قوله تعالى: (وفي الأرض آيات للموقنين)الذاريات20, وقوله: (وفي أنفسكم أفلا تبصرون)الذاريات21, وقوله: (أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت. والى السماء كيف رفعت. والى الجبال كيف نصبت. والى الأرض كيف  سطحت) إلى غير ذلك من الآيات. ومن ذلك قول القائل:
تأمل في رياض الأرض وانظر****إلى آثار ما صنع المليــــك
عيـــون من لجين شاخصـــات****بأحداق هي الذهب السبيك
علــى قصب الزبرجد شاهدات****بأن الله ليس له شــــــــــريك
وقال الآخر:
فيا عجبا كيف يعصى الإله****أم كيف يجحده الجاحد
ولله فــــي كــــل تحريكــــــــــــــة****وفي كل تسكينة شاهـد
وفــــــــــي كل شــــــــــي له آية****تدل علـــــى أنه الواحد
وسئل بعض الأعراب عن هذا وما الدليل على وجود الرب , فقال: يا سبحان الله, إن البعر ليدل على البعير, وإن الأثر ليدل على المسير, فسماء ذات أبراج وارض ذات فجاج, وبحار ذات أمواج, إلا يدل ذلك على وجود اللطيف الخبير.
الدليل النقلي: وهو ما نطق به الكتاب والسنة, قال تعالى: (الحمد لله رب العالمين), وقال أيضا: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام..)الاعراف54 , وقوله تعالى: (الله خالق كل شي وهو على كل شي وكيل)الزمر62 . والقرآن ملئ من ذلك.
الثاني: توحيد الأسماء والصفات: (وهي التي أثبتها تعالى لنفسه وأثبتها له عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم وآمن بها جميع المؤمنين, قال تعالى: {ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون}الاغراف180 وقال تعالى: {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى}الاسراء110 .وقال تعالى: {الله لا اله إلا هو له الأسماء الحسنى}طه8 . وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة, وهو وتر يحب الوتر}البخاري6410مسلم2677 )معارج القبول1/138 .
وفي هذا القسم من التوحيد, طاشت أقلام, وضلت أحلام, وانقسم الناس إلى فرق وأحزاب, فمنهم من نفى هذا النوع بالكلية, التنزيه عن المخلوقين زعم, وهم الجهمية, ومنهم من اثبت الأسماء ونفى الصفات, وأنها أسماء لا تدل على الذات, وهم المعتزلة, ومنهم من يثبت بعض الصفات, وهي الصفات السبع, وهم الاشاعرة والماتريدية, ويطول الكلام في هذا النوع ولنا معه مقام آخر.
والحمد لله.
الخطبة الثانية:
والنوع الثاني: التوحيد الطلبي ألقصدي الإرادي: وهو إفراد الله عز وجل بالعبادة.
قال العثيمين: (ويقال له توحيد العبادة باعتبارين, فباعتبار إضافته إلى الله يسمى: توحيد الالوهية, وباعتبار إضافته إلى الخلق يسمى توحيد العبادة)التوحيد1/16 , وهو الذي وقع فيه النزاع في قديم الدهر وحديثه, ومن اجله أرسل الله الرسل, وانزل الكتب, يقول الحكمي:
وهو الذي به الإله أرسلا****رسله يدعـون إليه أولا
وانــــزل الكتاب والتبيانا****من اجله وفرق الفرقانا
قال تعالى: (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه)الشورى13 , وقال تعالى: (ولقد بعثنا في كل امة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)النحل36 .وهو الذي من اجله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل من تولى عنه وأبى, فقال تعالى: (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم)التوبة 73 , وقال تعالى: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله)البقرة193 , وفي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلا الله واني رسول الله, ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة, فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله عز وجل)البخاري ومسلم
قال الحكمي:
وكلف الله الرسول المجتبى****قتال من عنه تولى وأبــــــى
حتى يكون الدين خالصا له****ســرا وجهــــرا دقه وجلــــــه
وهكذا أمته قــــــد كلفــــوا****بذا وفي نص الكتاب وصفوا 
والحمد لله.



هناك تعليق واحد:

إعلان في أسفل التدوينة

إتصل بنا

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

مدونة صقر الفوايد والشرايد. هى مدونة عربية يمنية مهتمة بمجال العلوم الاسلامية, تقدم شروحات وخطب ومقالات حصرية فى هذا المجال , كما توجد ايضا اقسام متنوعة فى عدد من المجالات الاخرى , وايضا المدونة تجد فى العديد من الشروحات فى مجال تربية الناشئة وايضا نقدم بعض الطرق للسير في هذه الدعوة الى الله على نور وبصيرة من الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح , تم انشاء المدونة بداية العام 1441ه