خطبة جمعة (غزوة خيبر) بقلم ابي عبدالله فهمي البوري
خطبة جمعة
(غزوة خيبر)
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا, وسيئات اعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, واشهد ان لا اله الا الله, وحده لا شريك له, واشهد ان محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا)
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
((اما بعد :
فان خير الحديث كتاب الله, و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار)) .
وبعد :
خيبر: (هي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة تجاه الشام)الفتح7/576.
والبرد: جمع بريد وهو فرسخان او اثنا عشر ميلا.
وفيها يقول حسان بن ثابت:
فان ومن يهدي القصائد نحونا*****كمستبضع تمرا الى ارض خيبرا.
زمان وقوعها:
ذكر ابن هشام انها في محرم في السنة السابعة, قال الحافظ ابن حجر وهو الراجح, وحكى ابن التين عن ابن الحصار انها كانت في اخر سنة ست, وهذا منقول عن مالك, وبه جزم ابن حزم, قال ابن حجر: (ويمكن الجمع, بان من اطلق سنة ست بناه على ان ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقي وهو ربيع الاول)الفتح7/577.
سببها:
(وهو اجلاء بني النظير عن المدينة ونزول زعمائهم في خيبر حاسما في بلورة موقف معاد ليهود خيبر تجاه المسلمين, وهو امر لم يكن ظاهرا قبل ذلك, وحين نزل سلام بن ابي الحقيق وابن اخيه كنانة بن الربيع, وحيي بن اخطب خيبر فقد دان لهم اهلها بالولاء والطاعة, وكان لذلك اثره في تصدي يهود خيبر للصراع ضد الاسلام والمسلمين, حيث جرهم قادتهم الجدد الى التصدي للاسلام بغية الانتقام وبدافع حقدهم الدفين على المسلمين, ورغبتهم العارمة في استعادة ديارهم ومواقعهم ومصالحهم في المدينة ولذلك فقد اجلوا منها. وهكذا فقد قام يهود خيبر وزعماؤهم الجدد بدور بارز في تجميع الاحزاب وحشدهم ضد المسلمين,بل وانفقوا اموالهم, واستغلوا علاقاتهم مع يهود بني قريظة من اجل نصرة الاحزاب, وطعن المسلمين في ظهورهم, وهكذا اصبحت خيبر مصدر خطر كبير على المسلمين) نظرة النعيم1/349.
تهيئة:
(تفرغ المسلمون بعد صلح الحديبية لتصفية خطر يهود خيبر الذي اصبح يهدد امن المسلمين, ولقد تضمنت سورة الفتح التي نزلت بعد الحديبية وعدا الاهيا بفتح خيبر وحيازة اموالها غنيمة, قال تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا . ومغانم كثيرة ياخذونها وكان الله عزيزا حكيما . وعدكم الله مغانم كثيرة تاخذونها فعجل لكم هذه وكف ايدي الناس عنكم ولتكون ءاية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما . واخرى لم تقدروا عليها قد احاط الله بها وكان الله على كل شئ قديرا)
خرج بجيش المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم, لما جاء في الصحيحين من حديث بشير بن يسار ان سويد بن النعمان اخبره (انه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى اذا كنا بالصهباء ادنى خيبر....)البخاري4195 ومسلم938.
(وذكر ابن هشام انه صلى الله عليه وسلم استعمل على المدينة نميلة بنون مصغرة ابن عبدالله الليثي, وعند احمد والحاكم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه انه سباع بن عرفطة وهو الاصح)الفتح7/577.
(وعند ابن اسحاق من حديث نصر بن دهر الاسلمي انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره الى خيبر لعامر بن الاكوع وهو عم سلمة بن الاكوع, واسم الاكوع سنان:(انزل يابن الاكوع فاحد لنا من هنياتك) ففي هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي امر بذلك)الفتح7/577 , وفي الصحيحين :(فقال رجل من القوم لعامر : يا عامر الاتسمعنا... فنزل يحدوا بالقوم يقول:
اللهم لولا انت ما اهتدينا****ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فــداء لك ما ابقينا****وثبت الاقدام ان لاقينا
والقـــــين سكينـــة علينا****انا اذا صيـــح بنا ابينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من السائق؟) قالوا عامر بن الاكوع قال: ( يرحمه الله)قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله لولا امتعتنا به فأتينا خيبر فحاصرناهم....) البخاري 4195، مسلم 938 ، واسم هذا الرجل عمر, سماه مسلم في رواية اياس بن سلمة ولفظه (فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له: يا نبي الله لولا امتعتنا بعامر...) وفي هذه الرواية قال: (غفر لك ربك), قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لانسان يخصه الا استشهد), وبهذه الزيادة يظهر قول الرجل لولا امتعتنا به)الفتح7/578-579 .
وكان المسلمون مستبشرون بموعود الله لهم فجعلوا يكبرون الله ويرفعون بذلك اصواتهم , ففي الصحيحين من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرف الناس على واد فرفعوا اصواتهم بالتكبير الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اربعوا على انفسكم انكم لا تدعون اصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم)البخاري4205مسلم2704
وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى خيبر ليلا وكان اذا اتى قوما بليل لم يغر بهم حتى يصبح فلما اصبح خرجت اليهود بمساحيهم, ومكاتلهم, فلما راوه قالوا: محمد والله محمد والخميس, فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (خربت خيبر انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين)البخاري4197مسلم134,1365,1368 .
والخميس: (الجيش لانه خمس فرق المقدمة, القلب, الميمنة, الميسرة, والساقة)القاموس المحيط.
فهلع اليهود هلعا شديدا, فقد جاء في الصحيحين من حديث انس رضي الله عنه قال: (صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الصبح قريبا من خيبر بغلس , ثم قال: (الله اكبر خربت خيبر انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين), فخرجوا يسعون في السكك فقتل النبي صلى الله عليه وسلم المقاتلةوسبى الذرية وكان في السبي صفية فصارت الى دحية الكلبي ثم صارت الى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل عتقها صداقها) .
وفي ليلة اليوم الذي فتح الله عليهم خيبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: (لا اعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله, قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم ايهم يعطاها, فلما اصبح الناس غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يرجوا ان يعطاها فقال: (اين علي بن ابي طالب, فقالوا: هو يا رسول يشتكي عينيه, قال: فارسل اليه فأتي فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعاء له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع, فاعطاه الراية فقال علي: يا رسول الله اقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم:(انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم الى الاسلام,
واخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه, فو الله لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم )البخاري3701,4210مسلم406 .
فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر يماني, وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر اني مرحب****شاكي السلاح بطل مجرب
ان حماي ذا الحمى لا يقرب****يحجم عنه البطل المجرب
فقال علي رضي الله عنه:
انا الذي سمتني امي حيدرة****كليث غابات كريه المنظرة
اكيلكم بالصاع كيل السندرة
(قال: فاختلفا ضربتين, فبدره علي بضربة فقد الحجر والمغفر ورأسه ووقع في الاضراس واخذ المدينة)البداية والنهاية4/156 .
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وبعد:
قال ابن اسحاق: (وتدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الاموال يأخذها مالا مالا ويفتتحها حصنا حصنا وكان اول حصونهم فتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة, القيت عليه رحى منه فقتلته, ثم القموص حصن بني ابي الحقيق)البداية والنهاية4/160 .
وفيها نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اكل لحوم الحمر, لما في الصحيحين من حديث ورخص في الخيل )البخاري4219مسلم1936 .
قال ابن اسحاق: (وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم حتى اذا ايقنوا بالهلكة سألوه ان يسيرهم ويحقن دمائهم ففعل, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها الشق, والنطأة, والكتيبة وجميع حصونهم الا ما كان من ذينك الحصنين, فلما سمع اهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا الى رسول الله صلى عليه وسلم ان يسيرهم ويحقن دمائهم ويخلوا له الاموال ففعل, وكان ممن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود اخو بني حارثة فلما نزل اهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يعاملهم في الاموال على النصف وقالوا: نحن اعلم بها منكم واعمر لها فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف على انا اذا شئنا ان نخرجكم اخرجناكم وعامل اهل فدك بمثل ذلك)البداية والنهاية4/165 .
وقد روى ابو داؤود من حديث محمد بن اسحاق حدثني نافع عن عبدالله بن عمر قال: ان عمر قال :(ايها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عامل يهود خيبر على ان يخرجهم اذا شأ فمن كان له مال فليلحق به فاني مخرج يهود فأخرجهم) حسنه الالباني برقم3007 .
قال ابن اسحاق: لما اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر اهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مشوية وكانت سألت : اي عضو من الشاة احب اليه ؟ قيل لها الذراع, فأكثرت فيها من السم فلما تناول الذراع لاك منها مضغة لم يسغها, واكل معه بشر بن البراء , فأساغ لقمته فذكر القصة وانه صفح عنها وان بشر مات منها)الفتح7/607 .
قال الحافظ بن حجر: (قلت ويحتمل ان يكون تركها لكونها اسلمت, و انما اخر قتلها حتى مات بشر , لانه بموته تحقق وجوب القصاص بشرطه)الفتح7/607-608 .
والحمد لله.
(غزوة خيبر)
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا, وسيئات اعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له, واشهد ان لا اله الا الله, وحده لا شريك له, واشهد ان محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام ان الله كان عليكم رقيبا)
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
((اما بعد :
فان خير الحديث كتاب الله, و خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة في النار)) .
وبعد :
خيبر: (هي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة تجاه الشام)الفتح7/576.
والبرد: جمع بريد وهو فرسخان او اثنا عشر ميلا.
وفيها يقول حسان بن ثابت:
فان ومن يهدي القصائد نحونا*****كمستبضع تمرا الى ارض خيبرا.
زمان وقوعها:
ذكر ابن هشام انها في محرم في السنة السابعة, قال الحافظ ابن حجر وهو الراجح, وحكى ابن التين عن ابن الحصار انها كانت في اخر سنة ست, وهذا منقول عن مالك, وبه جزم ابن حزم, قال ابن حجر: (ويمكن الجمع, بان من اطلق سنة ست بناه على ان ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقي وهو ربيع الاول)الفتح7/577.
سببها:
(وهو اجلاء بني النظير عن المدينة ونزول زعمائهم في خيبر حاسما في بلورة موقف معاد ليهود خيبر تجاه المسلمين, وهو امر لم يكن ظاهرا قبل ذلك, وحين نزل سلام بن ابي الحقيق وابن اخيه كنانة بن الربيع, وحيي بن اخطب خيبر فقد دان لهم اهلها بالولاء والطاعة, وكان لذلك اثره في تصدي يهود خيبر للصراع ضد الاسلام والمسلمين, حيث جرهم قادتهم الجدد الى التصدي للاسلام بغية الانتقام وبدافع حقدهم الدفين على المسلمين, ورغبتهم العارمة في استعادة ديارهم ومواقعهم ومصالحهم في المدينة ولذلك فقد اجلوا منها. وهكذا فقد قام يهود خيبر وزعماؤهم الجدد بدور بارز في تجميع الاحزاب وحشدهم ضد المسلمين,بل وانفقوا اموالهم, واستغلوا علاقاتهم مع يهود بني قريظة من اجل نصرة الاحزاب, وطعن المسلمين في ظهورهم, وهكذا اصبحت خيبر مصدر خطر كبير على المسلمين) نظرة النعيم1/349.
تهيئة:
(تفرغ المسلمون بعد صلح الحديبية لتصفية خطر يهود خيبر الذي اصبح يهدد امن المسلمين, ولقد تضمنت سورة الفتح التي نزلت بعد الحديبية وعدا الاهيا بفتح خيبر وحيازة اموالها غنيمة, قال تعالى: (لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فانزل السكينة عليهم واثابهم فتحا قريبا . ومغانم كثيرة ياخذونها وكان الله عزيزا حكيما . وعدكم الله مغانم كثيرة تاخذونها فعجل لكم هذه وكف ايدي الناس عنكم ولتكون ءاية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما . واخرى لم تقدروا عليها قد احاط الله بها وكان الله على كل شئ قديرا)
خرج بجيش المسلمين رسول الله صلى الله عليه وسلم, لما جاء في الصحيحين من حديث بشير بن يسار ان سويد بن النعمان اخبره (انه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى اذا كنا بالصهباء ادنى خيبر....)البخاري4195 ومسلم938.
(وذكر ابن هشام انه صلى الله عليه وسلم استعمل على المدينة نميلة بنون مصغرة ابن عبدالله الليثي, وعند احمد والحاكم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه انه سباع بن عرفطة وهو الاصح)الفتح7/577.
(وعند ابن اسحاق من حديث نصر بن دهر الاسلمي انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره الى خيبر لعامر بن الاكوع وهو عم سلمة بن الاكوع, واسم الاكوع سنان:(انزل يابن الاكوع فاحد لنا من هنياتك) ففي هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي امر بذلك)الفتح7/577 , وفي الصحيحين :(فقال رجل من القوم لعامر : يا عامر الاتسمعنا... فنزل يحدوا بالقوم يقول:
اللهم لولا انت ما اهتدينا****ولا تصدقنا ولا صلينا
فاغفر فــداء لك ما ابقينا****وثبت الاقدام ان لاقينا
والقـــــين سكينـــة علينا****انا اذا صيـــح بنا ابينا
وبالصياح عولوا علينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من السائق؟) قالوا عامر بن الاكوع قال: ( يرحمه الله)قال رجل من القوم: وجبت يا نبي الله لولا امتعتنا به فأتينا خيبر فحاصرناهم....) البخاري 4195، مسلم 938 ، واسم هذا الرجل عمر, سماه مسلم في رواية اياس بن سلمة ولفظه (فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له: يا نبي الله لولا امتعتنا بعامر...) وفي هذه الرواية قال: (غفر لك ربك), قال: وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لانسان يخصه الا استشهد), وبهذه الزيادة يظهر قول الرجل لولا امتعتنا به)الفتح7/578-579 .
وكان المسلمون مستبشرون بموعود الله لهم فجعلوا يكبرون الله ويرفعون بذلك اصواتهم , ففي الصحيحين من حديث ابي موسى الاشعري رضي الله عنه قال: لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم اشرف الناس على واد فرفعوا اصواتهم بالتكبير الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اربعوا على انفسكم انكم لا تدعون اصم ولا غائبا انكم تدعون سميعا قريبا وهو معكم)البخاري4205مسلم2704
وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى خيبر ليلا وكان اذا اتى قوما بليل لم يغر بهم حتى يصبح فلما اصبح خرجت اليهود بمساحيهم, ومكاتلهم, فلما راوه قالوا: محمد والله محمد والخميس, فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (خربت خيبر انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين)البخاري4197مسلم134,1365,1368 .
والخميس: (الجيش لانه خمس فرق المقدمة, القلب, الميمنة, الميسرة, والساقة)القاموس المحيط.
فهلع اليهود هلعا شديدا, فقد جاء في الصحيحين من حديث انس رضي الله عنه قال: (صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الصبح قريبا من خيبر بغلس , ثم قال: (الله اكبر خربت خيبر انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين), فخرجوا يسعون في السكك فقتل النبي صلى الله عليه وسلم المقاتلةوسبى الذرية وكان في السبي صفية فصارت الى دحية الكلبي ثم صارت الى النبي صلى الله عليه وسلم فجعل عتقها صداقها) .
وفي ليلة اليوم الذي فتح الله عليهم خيبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث سهل بن سعد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: (لا اعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله, قال: فبات الناس يدوكون ليلتهم ايهم يعطاها, فلما اصبح الناس غدوا على النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يرجوا ان يعطاها فقال: (اين علي بن ابي طالب, فقالوا: هو يا رسول يشتكي عينيه, قال: فارسل اليه فأتي فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعاء له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع, فاعطاه الراية فقال علي: يا رسول الله اقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم:(انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم الى الاسلام,
واخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه, فو الله لان يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم )البخاري3701,4210مسلم406 .
فخرج مرحب صاحب الحصن وعليه مغفر يماني, وحجر قد ثقبه مثل البيضة على رأسه وهو يرتجز ويقول:
قد علمت خيبر اني مرحب****شاكي السلاح بطل مجرب
ان حماي ذا الحمى لا يقرب****يحجم عنه البطل المجرب
فقال علي رضي الله عنه:
انا الذي سمتني امي حيدرة****كليث غابات كريه المنظرة
اكيلكم بالصاع كيل السندرة
(قال: فاختلفا ضربتين, فبدره علي بضربة فقد الحجر والمغفر ورأسه ووقع في الاضراس واخذ المدينة)البداية والنهاية4/156 .
الخطبة الثانية:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه وبعد:
قال ابن اسحاق: (وتدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الاموال يأخذها مالا مالا ويفتتحها حصنا حصنا وكان اول حصونهم فتح حصن ناعم وعنده قتل محمود بن مسلمة, القيت عليه رحى منه فقتلته, ثم القموص حصن بني ابي الحقيق)البداية والنهاية4/160 .
وفيها نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اكل لحوم الحمر, لما في الصحيحين من حديث ورخص في الخيل )البخاري4219مسلم1936 .
قال ابن اسحاق: (وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم اهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم حتى اذا ايقنوا بالهلكة سألوه ان يسيرهم ويحقن دمائهم ففعل, وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها الشق, والنطأة, والكتيبة وجميع حصونهم الا ما كان من ذينك الحصنين, فلما سمع اهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا الى رسول الله صلى عليه وسلم ان يسيرهم ويحقن دمائهم ويخلوا له الاموال ففعل, وكان ممن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود اخو بني حارثة فلما نزل اهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يعاملهم في الاموال على النصف وقالوا: نحن اعلم بها منكم واعمر لها فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف على انا اذا شئنا ان نخرجكم اخرجناكم وعامل اهل فدك بمثل ذلك)البداية والنهاية4/165 .
وقد روى ابو داؤود من حديث محمد بن اسحاق حدثني نافع عن عبدالله بن عمر قال: ان عمر قال :(ايها الناس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عامل يهود خيبر على ان يخرجهم اذا شأ فمن كان له مال فليلحق به فاني مخرج يهود فأخرجهم) حسنه الالباني برقم3007 .
قال ابن اسحاق: لما اطمأن النبي صلى الله عليه وسلم بعد فتح خيبر اهدت له زينب بنت الحارث امرأة سلام بن مشكم شاة مشوية وكانت سألت : اي عضو من الشاة احب اليه ؟ قيل لها الذراع, فأكثرت فيها من السم فلما تناول الذراع لاك منها مضغة لم يسغها, واكل معه بشر بن البراء , فأساغ لقمته فذكر القصة وانه صفح عنها وان بشر مات منها)الفتح7/607 .
قال الحافظ بن حجر: (قلت ويحتمل ان يكون تركها لكونها اسلمت, و انما اخر قتلها حتى مات بشر , لانه بموته تحقق وجوب القصاص بشرطه)الفتح7/607-608 .
والحمد لله.
أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.
ردحذفجزاك الله خير على هذه الخطبه المفيدة
ردحذف