مقال مكتوب بعنوان: أجابة المسلمين عن أسئلة الطواعين (سؤال وجواب)...بقلم: أبي عبدالله فهمي البوري
أجابة المسلمين عن أسئلة الطواعين
(سؤال وجواب)
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله
من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له,
واشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, واشهد آن محمدا عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ
تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}آل عمران(102){يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما
رِجالاً كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ
وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً }النساء(1)
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ
وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ
ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً}الأحزاب (70-71)
فان خير الحديث كتاب الله, و خير الهدي هدي محمد صلى
الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة
في النار)) .
وبعد :
السؤال الأول: ما هو مبدأ الطاعون؟
الجواب: إن مبدأه أنه أرسل على بني إسرائيل أو من كان قبلنا عذابا لهم فعَنْ
عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَهُ
يَسْأَلُ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، مَاذَا سَمِعْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الطَّاعُونِ؟ فَقَالَ أُسَامَةُ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الطَّاعُونُ رِجْسٌ أُرْسِلَ عَلَى
طَائِفَةٍ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَوْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا
سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ،
وَأَنْتُمْ بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا، فِرَارًا مِنْهُ)البخاري(3473)مسلم(2218)
وهذا الوصف بكونه عذابا مختص بمن كان قبلنا وأما هذه
الأمة فهو لها رحمة وشهادة, فعن حَفْصَةُ بِنْتُ سِيرِينَ، قَالَتْ: قَالَ لِي
أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: يَحْيَى بِمَ مَاتَ؟ قُلْتُ: مِنَ
الطَّاعُونِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (الطَّاعُونُ
شَهَادَةٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ)البخاري(5732), و عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الطَّاعُونِ، فَأَخْبَرَهَا نَبِيُّ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ
عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللَّهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ)البخاري(5734).
السؤال الثاني ما هو تعريف الطاعون ومن أين
اشتقاقه؟
الجواب: قال الجوهري: والطاعون بوزن فاعول من الطعن عدلوا به عن
أصله ووضعوه دالا على الموت العام كالوباء ويقال طعن فهو مطعون وطعين إذا أصابه
الطاعون وإذا أصابه الطعن بالرمح فهو مطعون.
وقال أبو بكر بن العربي: الطاعون الوجع
الغالب الذي يطفئ الروح كالذبحة سمي بذلك لعموم مصابه وسرعة قتله.
وقال أبو الوليد الباجي هو مرض يعم الكثير
من الناس في جهة من الجهات بخلاف المعتاد من أمراض الناس ويكون مرضهم واحدا بخلاف
بقية الأوقات فتكون الأمراض مختلفة.
السؤال الثالث: ماهي أوصافه؟
الجواب: تختلف أوصاف الطاعون بإختلاف نوعه,
فمن هذا الأنواع:
الأول: ما يخرج في البدن من الأورام والبثرات والتقرحات خصوصا في
المغابن والأباط, وقد يقع في اليد والأصبع وجميع الأعضاء لكنه أقل مما يقع في
المغابن والأماكن الرخوة. قاله ابن التين, وابن عبد البر, وعياض والنووي, وقال ابن
الوردي في مقامته:
أصلــــــــــــــــــح
الله دمشقا****وحماها عن مسبة
نفسها خست إلى
أن ****تقتــــل الناس بحبة
الثاني: ما يطفئ الروح كالذبحة, وليست
الذبحة نفسها طاعونا, وانما في أنواع الطاعون ما يضاهيها, قاله ابن العربي, وقال
ابن الوردي في مقامته:
سألت بادئ
النسم****في دفع طاعون صدم
فمن أحس بلــع
دم****فقد أحس بالعـــــــــــــــدم
الثالث: ما يقع في عضو ما فيتآكل كالجذام
ويتساقط ذلك الموضع, قاله المتولي عبدالرحمن بن مأمون, والقاضي حسين المروزي, وقد
أخرج عمر بن شبة في (اخبار البصرة) من طريق ضمرة عن عبدالله بن شوذب قال: كتب زياد
إلى معاوية ... فذكر قصة فيها (فخرجت على أصبعه طاعونة, فما أتت عليه جمعة حتى
مات, ومنه أن أصبعه تآكلت وأشاروا عليه بقطعها, لئلا تنتقل الآكلة, ثم لم يفعل ذلك
ومات).
السؤال الرابع: هل الوباء والطاعون شئ واحد؟
الجواب: ذكر أهل العلم أن بين الوباء والطاعون عموم وخصوص, فكل طاعون وباء وليس كل
وباء طاعون, ويدل على ذلك أن وباء الشام الذي وقع في
عمواس إنما كان طاعونا وما ورد في الحديث أن الطاعون وخز الجن, عَنْ أَبِي
هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «عَلَى أَنْقَابِ المَدِينَةِ مَلاَئِكَةٌ لاَ يَدْخُلُهَا
الطَّاعُونُ، وَلاَ الدَّجَّالُ»البخاري1880, وأن الطاعون لا يدخل المدينة وقد جاء في
حديث عائشة قدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله وفيه قول بلال أخرجونا إلى أرض الوباء
ومن حديث أبي الأسود قدمت المدينة في خلافة عمر وهم يموتون موتا ذريعا و في حديث العرنيين
في أنهم استوخموا المدينة وفي لفظ أنهم قالوا إنها أرض وبئة فكل ذلك يدل على أن
الوباء كان موجودا بالمدينة وقد صرح الحديث الأول بأن الطاعون لا يدخلها فدل على أن الوباء غير الطاعون وأن من أطلق
على كل وباء طاعونا فبطريق المجاز,فخصوصية الطاعون هو قروح تخرج في المغابن والآباط
قلما يلبث صاحبها .
السؤال الخامس: ما هي أسباب الطاعون؟
الجواب: للطواعين أسباب كثيرة تختلف بأختلاف الزمان والمكان فمن هذه الأسباب:
أولا: انتشار الفاحشة والإعلان بها:
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ
عُمَرَ رضي الله عنهما، قَالَ: (أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا
ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ
الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ، حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا، إِلَّا فَشَا فِيهِمُ
الطَّاعُونُ، وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمُ
الَّذِينَ مَضَوْا، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ، إِلَّا
أُخِذُوا بِالسِّنِينَ، وَشِدَّةِ الْمَئُونَةِ، وَجَوْرِ السُّلْطَانِ
عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ، إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ
مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا
عَهْدَ اللَّهِ، وَعَهْدَ رَسُولِهِ، إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا
مِنْ غَيْرِهِمْ، فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ تَحْكُمْ
أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ، وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ،
إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ)ابن ماجة(4019)حسنه الألباني
الثاني: وخز الجن:
وهذا أخص في باب الطاعون,"كما
ثبت في الأحاديث الواردة في ذلك منها حديث أبي موسى رفعه (فناء أمتي بالطعن
والطاعون قيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون قال وخز أعدائكم من
الجن وفي كل شهادة) أخرجه أحمد من رواية زياد بن علاقة عن رجل عن أبي موسى وفي
رواية له عن زياد حدثني رجل من قومي قال كنا على باب عثمان ننتظر الإذن فسمعت أبا
موسى قال زياد فلم أرض بقوله فسألت سيد الحي فقال صدق وأخرجه البزار والطبراني من
وجهين آخرين عن زياد فسميا المبهم يزيد بن الحارث وسماه أحمد في رواية أخرى أسامة
بن شريك فأخرجه من طريق أبي بكر النهشلي عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال
خرجنا في بضع عشرة نفسا من بني ثعلبة فإذا نحن بأبي موسى ولا معارضة بينه وبين من
سماه يزيد بن الحارث لأنه يحمل على أن أسامة هو سيد الحي الذي أشار إليه في
الرواية الأخرى واستثبته فيما حدثه به الأول وهو يزيد بن الحارث ورجاله رجال
الصحيحين إلا المبهم وأسامة بن شريك صحابي مشهور والذي سماه وهو أبو بكر النهشلي
من رجال مسلم فالحديث صحيح بهذاالاعتبار وقد صححه بن خزيمة والحاكم وأخرجاه وأحمد
والطبراني من وجه آخر عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري"الفتح10/179-180 , وكونه من طعن الجن فإنه لا يخالف ما قاله الأطباء من كون الطاعون ينشأ عن هيجان
الدم أو انصبابه لأنه يجوز أن يكون ذلك يحدث عن الطعنة الباطنة فتحدث منها المادة
السمية ويهيج الدم بسببها أو ينصب وإنما لم يتعرض الأطباء لكونه من طعن الجن لأنه
أمر لا يدرك بالعقل وإنما يعرف من الشارع فتكلموا في ذلك على ما اقتضته قواعدهم,
أو أنه ينشئ من احد السببين فتارة بهذا وتارة بهذا أو بالاثنين معا.
الثالث: فساد جوهر الهواء:
وذلك لما قد يصيب الأرض من فساد, كانتشار جثث الموتى,
وانتشار الأوساخ والقاذورات, وبعض المخلوقات كالفئران والضفادع والفيروسات, التي
يتولد عنها فساد الهواء الذي هو مادة الحياة وجوهرها, فتقع الأمراض وهذا أدل في
باب الأوبئة من باب الطاعون, ومن ذلك ما وقع من خبر قوم يأجوج ومأجوج (فَبَيْنَمَا
هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا
لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ
وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ، وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ،
فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا،
وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُونَ: لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ مَرَّةً مَاءٌ،
وَيُحْصَرُ نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، حَتَّى يَكُونَ رَأْسُ الثَّوْرِ
لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ، فَيَرْغَبُ
نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ، فَيُرْسِلُ اللهُ عَلَيْهِمُ النَّغَفَ فِي
رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ، ثُمَّ يَهْبِطُ
نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى الْأَرْضِ، فَلَا يَجِدُونَ فِي
الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ زَهَمُهُمْ وَنَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ
نَبِيُّ اللهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللهِ، فَيُرْسِلُ اللهُ طَيْرًا
كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللهُ، ثُمَّ
يُرْسِلُ اللهُ مَطَرًا لَا يَكُنُّ مِنْهُ بَيْتُ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ،
فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كَالزَّلَفَة)مسلم2937 عن النواس بن سمعان
وذكروا ايضا
أسبابا متولدة عن الأجرام السماوية من كثرة الشهب والرجوم في آخر الصيف والخريف,
وكثرة الجنوب والصبا في الكانونين, وإذا كثرة علامات المطر في الشتاء ولم تمطر
ومستند ذلك كله التجارب.
السؤال السادس: هل الفاسق الذي يموت بالطاعون
يكون له شهادة؟
الجواب: المراد
بالفاسق هنا مرتكب الكبيرة, الذي يدركه الأجل وهو مصر عليه.
قال الحافظ بن حجر: (فإنه يقال لا يكرم بدرجة الشهادة,
لما هو ملتبس به فقد قال سبحانه وتعالى: { أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا
السَّيِّئاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ
سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ ساءَ مَا يَحْكُمُونَ}الجاثية(21)
ويحتمل أن يقال : تحصل له درجة الشهادة ، لعدم التقييد
في الأخبار الواردة ، في أنه شهادة للمسلم بوصف زائد على الإسلام. ومن الأحاديث
العامة في ذلك حديث أنس في الصحيحين :
( الطاعون شهادة لكل مسلم ) . فإنه صريح في العموم . ولا يلزم حصول درجة الشهادة لمن اجترح السيئات أن يساوي المؤمن الذي عمل الصالحات في المنزلة ، فإن درجات الشهداء متفاوتة ؛ كنظيره من عصاة المؤمنين إذا قتله الكافر مجاهدًا في سبيل الله ، لتكون كلمة الله هي العليا، مقبلًا غير مدبر ، فإنه شهيد لا محالة , ولو كانت ذنوب أُخرى لم يتب منها) .
( الطاعون شهادة لكل مسلم ) . فإنه صريح في العموم . ولا يلزم حصول درجة الشهادة لمن اجترح السيئات أن يساوي المؤمن الذي عمل الصالحات في المنزلة ، فإن درجات الشهداء متفاوتة ؛ كنظيره من عصاة المؤمنين إذا قتله الكافر مجاهدًا في سبيل الله ، لتكون كلمة الله هي العليا، مقبلًا غير مدبر ، فإنه شهيد لا محالة , ولو كانت ذنوب أُخرى لم يتب منها) .
السؤال السابع: ما هي الشروط لتحصيل الشهادة
بالطاعون؟
الجواب: هناك شروط ينبغي مراعاتها لمن أراد أن يحقق الشهادة
وهي:
1.
المكث في البلد الذي وقع به الطاعون وعدم الخروج منه,
حتى يرفعه الله عنه, فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم: (فليس من رجل يقع الطاعون
، فيمكث في بيته) من رواية أحمد, ومن رواية البخاري: (فيمكث في بلده).
2.
الصبر واحتساب الأجر لقول النبي صلى الله عليه و سلم: (ويمكث فيه فلا يخرج من
البلد صابرًا محتسبًا).
3.
العلم بنفوذ القدر وعد الجزع لذلك, قال عليه الصلاة
والسلام: (يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب الله له ، إلا كان له مثل أجر الشهيد).
السؤال الثامن: ما هي أوصاف ومراتب الصالحين
في زمن الطاعون؟
الجواب: إن الناس في أوقات النوازل والبلايا, تمور وتضطرب وتكون
لها مذاهب وطرق, فمن مذاهب الصالحين ومراتبهم في أوقات الطواعين ما سنذكره:
المرتبة الأولى: من تجده راضيا مستبشرا, لما تقرر عنده
من عظيم الأجر ونيل الشهادة, كحال معاذ وأبي عبيدة.
المرتبة الثانية: من تجده مفوضا أمره إلى ربه راض بما
ينزل عليه من قدره غير معترض ولا متسخط, وإن كان لا يحب أن يموت.
المرتبة الثالثة: من تجد حاله كحال صاحب المرتبة
الثانية, ولكن قد خلط عملا صالحا وآخر سيئا فلزمته التبعات فيكون خائفا من نزول
الموت به قبل التبرء منها.
السؤال التاسع: ما حكم النهى عن الخروج من
البلد الذى يقع به الطاعون والقدوم عليه ؟
اختلف أهل العلم هل النهي هو على ظاهره من التحريم ، أو
هو للتنزيه ، على قولين:
فمن قال بالتحريم أستدل بظاهر النص: (فَإِذَا سَمِعْتُمْ
بِهِ بِأَرْضٍ، فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ، وَأَنْتُمْ
بِهَا فَلاَ تَخْرُجُوا، فِرَارًا مِنْهُ)البخاري(3473)مسلم(2218), وَعَنْ جَابِرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ «الْفَارُّ مِنَ الطَّاعُونِ كَالْفَارِّ مِنَ الزَّحْفِ
وَالصَّابِرُ فِيهِ كالصابر في الزحفٍ»صحيح الجامع الصغير وزيادته4276 .
ومن قال بالتنزيه استدل, بحديث أبي هريرة قال النبي صلى
الله عليه وسلم (لا يُورد مُمْرضً على مُصِحًّ)مسلم (2221), قال
الطحاوي: (فذهب قوم إلى هذا ، و قالوا : إنما كره ذلك مخافة
الإعداء ، و أمروا باجتناب ذي الداء و
الفرار منه.
وأخرج ابن خزيمة بسند صحيح إلى هشام بن عروة عن أبيه ،
أن الزبير بن العوام رضي الله عنه خرج غازيًا نحو مصر ، فكتب إليه أمراء مصر أن
الأرض قد وقع بها الطاعون ، فلا تدخلها . فقال الزبير : إنما خرجت للطعن والطاعون
فدخلها, فلقي طعنا في جبهته, فأفرق –أي أفاق من مرضه- وسنده صحيح على شرط
البخاري.
و احتجوا برجوع عمر من سَرْغٍ بسبب الطاعون، و ذلك للخوف
منه ، خشية أن يعدي من دخل عليه .
واستدلوا بفعل عمرو بن العاص من خروجه بالمسلمين من أرض
الوباء في طاعون عمواس, (قال ابن عبد البر: ووجه ما ذهب إليه عمرو بن العاص من أن
الخروج عن البلد الذي يقع فيه الطاعون أولى من المقام فيه، هو مخافة الفتنة في ذلك
بأن يصيبه قدر في مقامه فيقول القائل لو خرج لنجا، فقد روي عن ابن مسعود أنه قال:
الطاعون فتنة على المقيم وعلى الفار، أما الفار فيقول: فررت فنجوت، وأما المقيم
فيقول: أقمت فهلكت، وكذبا جميعا، فر من لم يجئ أجله، وأقام فمات من جاء أجله، وقد
قال المدائني: يقال: إنه قل ما فر أحد من الطاعون فسلم من الموت.
فيتحصل على هذا في الأفضل من القدوم على الوباء والخروج
عنه أو ترك ذلك بعد الإجماع على أنه لا إثم ولا حرج في شيء من ذلك ثلاثة أقوال
للسلف:
أحدها: أن الأفضل أن يقدم عليه وأن لا يخرج عنه، وهو
مذهب من أشار من المهاجرين والأنصار على عمر بن الخطاب أن يقدم عليه ولا يرجع عن
وجهته؛ لأن ترك القدوم عليه أحب من الرجوع عنه، فإذا كره الرجوع عنه فأحرى أن يكره
الخروج عنه.
والثاني: أن الأفضل أن لا يقدم عليه وأن يخرج، وهو الذي
ذهب إليه عمرو بن العاص؛ لأنه إذا كره المقام فيه فأحرى أن يكره القدوم عليه.
والقول الثالث: أن الأفضل ألا يقدم عليه وألا يخرج عنه
للنهي الوارد في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - رواية عبد الرحمن بن عوف،
وهذا القول أصح الأقوال؛ لأن السنة حجة على القولين الآخرين، وبالله التوفيق.)البيان والتحصيل.17/397.
السؤال العاشر: هل يجوز الخروج من الأرض
المستوخمة إلى غيرها بقصد التداوي؟
الجواب: على وجهين:
الأول: إن كان المرض بسبب تغير الأمزجة, كتغير الهواء
والغذاء, بحيث لا يوافق من لم يعتاده فهذا جائز, وهو ما أرشد به النبي صلى الله
عليه وسلم العرنيين, فعن أَنَسٌ، أَنَّ نَفَرًا مِنْ عُكْلٍ ثَمَانِيَةً، قَدِمُوا
عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَبَايَعُوهُ عَلَى
الْإِسْلَامِ، فَاسْتَوْخَمُوا الْأَرْضَ، وَسَقِمَتْ أَجْسَامُهُمْ، فَشَكَوْا
ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَلَا
تَخْرُجُونَ مَعَ رَاعِينَا فِي إِبِلِهِ، فَتُصِيبُونَ مِنْ أَبْوَالِهَا
وَأَلْبَانِهَا» ، فَقَالُوا: بَلَى، فَخَرَجُوا، فَشَرِبُوا مِنْ أَبْوَالِهَا
وَأَلْبَانِهَا، فَصَحُّوا.
وأن من جملة أصول التداوي الرجوع إلى المألوف و العادة ؛
و كان القوم أهل بادية و ريف ، كما وقع صريحًا في بعض طرق خبرهم ، و لم يوافق بلد
الحضر أمزجتهم ، فأرشدهم الشارع إلى التداوي بما ألفوه من الكون في البدو .
و من هنا يؤخذ توجيه أمر عمر أبا عبيدة ، بالانتقال
بجنده إلى مكان آخر أوفق لأمزجتهم من المكان الذي كان نزل به أولًا, وهو ما فعله
عمرو بن العاص, لكون أبو عبيدة حينما عزم على ذلك أصيب.
الثاني: وأما إن كان الأمر طاعونا والذي يغلب عليه أنه
من وخز الجن, بحيث يشمل النازل عليها والمقيم بها, فهذا لا يجوز الخروج معه, وإن
رأى الرجل من نفسه معافاة فالغالب مخالطة الداء. ويرجع إلى التفصيل قبله.
السؤال الحادي عشر: كيف الجمع بين قول النبي صلى الله
عليه وسلم: (لا عدوى), وقوله: (و فِرَّ من المَجْذُوم كما تفرُّ من الأسد)؟
الجواب: ينبغي أولا أن يتأصل في قلوب الخلق أن الأمر قد فرغ
منه, وأن القلم قد جف بما هو كائن, فعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ
الْعَاصِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
يَقُولُ: (كَتَبَ اللهُ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، قَالَ: وَعَرْشُهُ عَلَى
الْمَاءِ)مسلم(2653), فتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن
ليصيبك.
ثانيا: ينبغي الأخذ بالأسباب لأن ذلك هو هدي القرآن وسنة
الأنبياء, ولا يلزم من فعل السبب أو تركه وقوع المسبب إذ قد يتخلف لسبب لم يظهر
لنا, فقد روي عن ابن مسعود أنه قال: الطاعون فتنة على المقيم وعلى الفار، أما
الفار فيقول: فررت فنجوت، وأما المقيم فيقول: أقمت فهلكت، وكذبا جميعا، فر من لم
يجئ أجله، وأقام فمات من جاء أجله.
فإذا تقرر ذلك فإن الجمع بينهما : أن هذه الأمراض لا
تعدي بطبعها ، و لكن الله تبارك و تعالى يجعل مخالطة المريض بها للصحيح سببًا
لإعدائه مرضه ، ثم قد يتخلّف ذلك عن سببه, فلا يحدث له مرضا وقد يحدث لغيره ممن
خالطه ,كما في سائر الأسباب . ففي حديث : ( لا عدوى ) نفي ما كان يعتقده أهل
الجاهلية ؛ من أن ذلك يعدي بطبعه ، و لهذا
قال : ( فمن أعدى الأول ؟ ), وفي قوله: ((و فِرَّ من المَجْذُوم كما تفرُّ من
الأسد)؟, إثبات لقضية الأخذ بالأسباب, وكل هذه الأمور تابعة لقضاء الله وقدره. فإن
الله تعالى قدر الأمور بأسبابها: فالأسباب والمسببات من قضاء الله وقدره.
فالعافية من الأسقام؛ سبب لطول العمر كما أن
الأمراض بأنواعها سبب لقصره.
والمسكن والبقعة: إذا كانت صحيحة طيبة
الهواء، صارت من أسباب عافية أهلها وطول أعمارهم والعكس بالعكس: البقع رديئة
المناخ والهواء، أو البقاع الوبيئة سبب لقصر العمر، كما هو مشاهد.
والتوقي عن المخاطر والمهالك، واستعمال
الأسباب الواقية فائدتها في طول العمر ظاهرة، والإلقاء بالنفس إلى التهلكة، وسلوك
المخاطر وكل أمر فيه خطر سبب ظاهر للهلاك, يقول الشاعر:
لولا المشقة ساد الناس كلهم ... الجود يفقر والإقدام قتال.
السؤال الثاني عشر: ما
الواجب على المسلم فعله عند نزول الطاعون؟
الجواب: الواجب على المسلم فعله عدة أمور منها:
أولا: الصبر والتسليم والرضا لقدر الله, حتى يكتب الأجر موفا غير منقوص قال
تعالى: {وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ
قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ
صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)}البقرة155- 157 .
ثانيا: العمل
بالأسباب من الأخذ بالتداوي وكثرة الدعاء,
ففي الحديث عن عَائِشَةَ، حَدَّثَتْنِي: أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ هَذِهِ الحَبَّةَ السَّوْدَاءَ
شِفَاءٌ مِنْ كُلِّ دَاءٍ، إِلَّا مِنَ السَّامِ» قُلْتُ: وَمَا السَّامُ؟ قَالَ:
المَوْتُ /البخاري5687, وعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَخِي يَشْتَكِي بَطْنَهُ، فَقَالَ:
«اسْقِهِ عَسَلًا» ثُمَّ أَتَى الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: «اسْقِهِ عَسَلًا» ثُمَّ
أَتَاهُ الثَّالِثَةَ فَقَالَ: «اسْقِهِ عَسَلًا» ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: قَدْ
فَعَلْتُ؟ فَقَالَ: «صَدَقَ اللَّهُ، وَكَذَبَ بَطْنُ أَخِيكَ، اسْقِهِ عَسَلًا»
فَسَقَاهُ فَبَرَأَ/البخاري5684مسلم2217.
ومن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم برفع الوباء ماجاء عن
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا المَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ
إِلَيْنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَانْقُلْ حُمَّاهَا إِلَى الجُحْفَةِ،
اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَصَاعِنَا»البخاري6372
ثالثا: عدم الدخول الى بلد الطاعون وعدم الخروج منها:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ - أَنَّ عُمَرَ خَرَجَ
إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا كَانَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ
بِالشَّأْمِ - فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ
فَلاَ تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلاَ
تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ»البخاري5730
ومسلم2219.
رابعا: رد المظالم إلى أهلها والتخلص من التبعات التي
تلحقه قال تعالى: { وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ
تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}البقرة(281)
و عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ)البخاري(2447)مسلم(2579).
خامسا: التوبة إلى الله من الذنوب والندم على ما فوت في
جنب الله, من قبل { أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى مَا فَرَّطْتُ فِي
جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ }البقرة(56), وقال تعالى: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}النور(31) .
سادسا: الوصية من غير أن يقع فيها حَيْف أو جَنَفٌ, فعَنْ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ
يُوصِي فِيهِ، يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ)البخاري(2738)مسلم(1627).
و هذا مطلوب في كل وقت ، و يتأكد عند وقوع الأمراض
عمومًا ، و لمن وقع به خصوصًا .
السؤال الثالث عشر:هل يشرع للمسلم أن يدعو برفع الطاعون؟
السؤال الثالث عشر:هل يشرع للمسلم أن يدعو برفع الطاعون؟
الجواب: ذكر ابن حجر في بذل الماعون ما جمع الشيخ ولىّ الدين المِلَّوِىّ جزءًا في
الدعاء برفع الوباء ، سماه : (حَلّ
الحُبَا لارتفاع الوبا)
أحدها: أن الطاعون رحمة ، فكيف يطلب رفعه ؟ .
ثانيها: أن الصابر له مثل أجر شهيد ، فطلب رفعه تبرم
بهذا الثواب الجزيل.
ثالثها: أن الإيمان بالقدر يقتضي أن لا يصيب أحدًا إلا
ماكتب له ؛ فطلب ما قدر رفعه تحصيل الحاصل ، و طلب ما قدر وقوعه مستحيل.
رابعها: ثبوت النهى عن الفرار منه ؛ و في طلب رفعه نوع
فرار.
خامسها: أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ دعا به لأمته ؛
ففي طلب رفعه معارضة له.
و أجاب عن ذلك بجوابين ؛ إجمالي و تفصيلي:
الأول:
أن الدعاء برفع الوباء إذا ثبتت شرعيته ، لم يقبل منعه
إلا بنهى صريح راجح على الإثبات. قال: و ثبوت الشرعية حصل بأدلة,منها: الدعاء
للمريض بالعافية. ومنها: الاستعاذة, ومنها: التداوي ..وساق.
الأحاديث في ذلك ؛ و منها ما أخرجه ابن السني ، من حديث
عائشة رضى الله عنها ، أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أشرف على أرض يريد
دخولها ، قال : ( اللهم إنى أسألك من خير هذه الأرض و خير ما جمعت فيها ، و أعوذ
بك من شرها و شر ما جمعت فيها . اللهم ارزقنا جناها ، و أعذنا من وباها ، و حببنا
إلى أهلها ، و حبب صالحي أهلها إلينا ) . قلت: في سنده " عيسى بن ميمون
" ، يرويه عن القاسم عن عائشة ؛ و " عيسى " ضعيف .
الثاني:
رد الايرادات واحدة واحدة:
أما كون الطاعون رحمة ، فإنه لا ينافي طلب رفعه ؛ لأن
الرحمة شئ و أثرها أو سببها شئ. و الأثار و الأسباب تتفاوت مراتبها ؛ فربّ أمر
منها يطلب من الله ما هو أعلى منه. و أما كونه شهادة ، فهي حاصلة لمن أقام صابرًا
محتسبًا راضيًا بوقوعه ؛ أن لو وقع به ، سواء أدعا برفعه أم لا . و الطلب من الله و الالتجاء إليه
مرغوب فيه مندوب إليه ، و غاية الطاعون أن يكون كملاقاة العدو ، و قد ثبت سؤال
العافية منه ، ثم الصبر إذا وقع اللقاء . فوزانه أن لا يتمنى الطاعون ، و يسأل
الله العافية منه ، فإن قدر نزوله به صبر و احتسب. قلت: و يقوى ذلك بما قدمناه ،
أنه من طعن أعدائنا من الجن ، و يكفي في امتثال الأمر بالصبر عند وقوعه عدم الفرار
منه ؛ بالخروج من البلد التي يقع فيها إلى بلدة أخرى ، طلبًا للنجاة منه ، و عدم
التضجر منه و التبرم . و ليس ذلك مباينًا لسؤال العبد ربَّه العافيةَ ، و لا يعارض
ذلك الإيمان بالقدر ؛ لاحتمال أن يكون الله تعالى جعل الدعاء سببًا لسلامة الداعى
من الطاعون ، فيجتمع له أجر الشهيد بالصبر ، و العافية بالدعاء ، و كل ذلك من فضل
الله و رحمته.
و قد ثبتت الاستعاذة في أمور كثيرة ، جاء أن صاحبها شهيد
؛ فقد أخرج أبو داود و النسائى ، و صححه الحاكم ، من حديث أبى اليسَر، أن رسول
الله ـ صلى الله عليه و سلم. كان يدعو: ( اللهم إني أعوذ بك من الهدم ، و أعوذ بك
من التَّرَدِّي ، و أعوذ بك من الغَرَقِ و الحَرَقِ ، و أعوذ بك أن أموت لَديغًا
.. ) الحديث .
و أما كونه مقدورًا فحق و صدق ، و لا يستلزم منع الدعاء
، بل منع الدعاء من جنس ترك الأعمال الصالحة ، اتكالًا على ما قدر ، فيستلزم ترك
جميع الأسباب المرتب عليها السعادة ، و يضادّ مدح { الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ
بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ }. و قد جاء من حديث أنس رضي الله عنه مرفوعًا: ( لا
تعجزوا في الدعاء ، فإنه لن يهلك مع الدعاء أحد ). صححه ابن حبان و الحاكم. ومن
حديث سلمان رضي الله عنه رفعه: ( لا يرد القضاء إلا الدعاء .. ) . أخرجه الترمذي ،
و صححه ابن حبان من حديث ثوبان . و عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا: ( لا يغني حذر
من قدر ، و الدعاء ينفع مما نزل و مما لم ينزل ، و إن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء
فيعتلجان ). صححه الحاكم .
فرد البلاء بالدعاء مثل دفع السهم بالترس ، و ليس من شرط
الإيمان بالقدر أن لا يحمل السهم و لا يتقى بالترس. و أما أن فيه نوعًا من الفرار
فممنوع ؛ فإن معنى النهي عن الفرار أن لا يغالب القدر بالحول و القوة و الحيلة ،
فيشارك الذين { ظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ }. والدعاء
بخلاف ذلك, فإنه اعتراف من الداعي بالعجز عن الحول و الحيلة ، مع ما فيه من الخضوع
و التذلل ، فلا ينافي التسليم لأمر الله و التفويض لقضائه. و أما دعاء النبي ـ صلى
الله عليه و سلم ـ به لأمته ، فجوابه أن في الدعاء برفعه معاضدة له ـ صلى الله
عليه وسلم ـ ؛ أن يُرفَع الهرج عن أمته. و لا يمنع من ذلك قوله ـ صلى الله عليه و
سلم ـ : " اللهم فبالطاعون " ، لأنه ليس فيه طلب ذلك ، بل معناه أن لا
يجعل عليهم سبيلًا لكافر ، و أن الآفة السماوية كافية في الفناء ، مع دوام العزّ, فليس
الطاعون مقصودًا لذاته ، لا بقصد أول و لا بقصد ثان ، بل المقصود دوام العزّ وردّ
الذين كفروا بغيظهم و تطهير المؤمنين من دماء إخوانهم. انتهى [ ملخصًا ].
قلت: فعلى ذلك يجوز الدعاء برفع الطاعون.
السؤال الرابع عشر: ماهي الطواعين المشهوره في
الإسلام, مع ذكر زما ن وقوعها؟
الجواب:قال الحافظ بن حجر: قال أبو الحسن المدائني: كانت الطواعين العظام المشهورة
في الإسلام خمسة:
طاعون شيرويه: بالمدائن في عهد رسول الله صلى الله عليه
و سلم.
ثم طاعون عمواس: في زمن عمر رضى الله عنه , كان بالشام ,
مات فيه خمسة و عشرون ألفًا.
ثم طاعون الجارف: : سنة تسع و ستين.
ثم طاعون الفتيات: سنة سبع و ثمانين, لكثرة من مات به من
النساء الشواب.
ثم طاعون الأشراف: وقع و الحجاج بواسط , حتى قيل فيه: (
لا يكون الطاعون و الحجاج ) .
وهناك طواعين غيرها كثير, بل نقل بعض المؤرخين, أن
الطواعين في زمن بني أمية كانت لا تنقطع بالشام.
حتى كان خلفاء بني أمية إذا جاء زمن الطاعون, , يخرجون
إلى الصحراء, و من ثم اتخذ هشام بن عبد الملك الرصافة منزلًا, و كانت بلدًا قديمة
للروم.
ثم خف ذلك في الدولة العباسية, فيقال: إن بعض أمرائهم بالشام, خطب فقال: احمدوا الله الذى رفع عنكم الطاعون منذ ولّينا عليكم, . فقام بعض من له جرأة فقال: الله أعدل من أن يجمعكم علينا و الطاعون.
ثم خف ذلك في الدولة العباسية, فيقال: إن بعض أمرائهم بالشام, خطب فقال: احمدوا الله الذى رفع عنكم الطاعون منذ ولّينا عليكم, . فقام بعض من له جرأة فقال: الله أعدل من أن يجمعكم علينا و الطاعون.
السؤال الخامس عشر: كيف كان الناس يقبرون في أزمنة الطواعين؟
الجواب: وقعت للناس في هذا الباب مشاهدا مؤلمة, واحوالا
عجيبة تختلف باختلاف الطاعون وشدته وفتكه بالناس ومن هذه الصور:
·
أن الدور تسد أبوابها على أهلها و هم موتى , لقلة من يدفنهم.
·
وربما خربت قرى كثيرة فلم تعمر بعد , و صار من دخلها هلك من ساعته, فصاروا
طعام الوحش والطير.
·
وربما كانوا يحفرون الحفرة ، و يلقون فيها العشرين و الثلاثين جميعًا.
·
وحتى كان أهل الدرب يموتون , فيسد الدرب عليهم.
السؤال السادس عشر: ما هي صفة الطاعون الكبير بإيجاز؟
قد كان أوّل ابتدائه من بلاد القان الكبير
حيث الإقليم الأوّل، وبعدها من تبريز إلى آخرها ستّة أشهر وهى بلاد الخطا والمغل
وأهلها يعبدون النار والشمس والقمر، وتزيد عدّتهم على ثلثمائة جنس فهلكوا بأجمهم من غير
علّة، فى مشاتيهم ومصايفهم وعلى ظهور خيلهم، وماتت خيولهم وصاروا جيفة مرمية فوق
الأرض؛ وكان ذلك فى سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة. ثم حملت الريح نتنهم إلى البلاد،
فما مرّت على بلد إلّا وساعة شمّها إنسان أو حيوان مات لوقتة فهلك من أجناد القان
خلائق لا يحصيها إلا الله تعالى. ثمّ هلك القان وأولاده الستّة ولم يبق بذلك
الإقليم من يحكمه.
ثم اتّصل الوباء ببلاد الشرق جميعها: بلاد
أزبك وبلاد إسطنبول وقيصرية الروم، ثم دخل أنطاكية حتى أفنى من بها, وأفنى أهل
الصّين حتى لم يبق منهم إلا القليل، وكذلك بالهند.
ثم بلغ بلاد العرب, فوصل بغداد, ثم بلاد
الشام فلم يدع بلدا الا دخلها حتى مكة خلت مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم لم
يدخلها.
فتعددة صور ذلك الطاعون لطول مكثه في الناس
من سنة تسع وأربعين وسبعمائة ومن ذلك:
·
لما وقع ببغداد كان الإنسان يصبح وقد وجد بوجهه طلوعا،
فما هو إلا أن يمدّ يده على موضع الطلوع فيموت من حينه.
·
وأول ما بدأ بدمشق، كان يخرّج خلف أذن الإنسان بثرة
فيخرّ صريعا ثمّ صار يخرج للإنسان كبّة فيموت أيضا سريعا. و بقدر
الخيارة في الوَرِك.
·
ثم صار الآدمىّ يبصق دما ويموت من وقته.
·
وكان يقتل بالرائحة فمن شمه اضطرب وكب وجعل يضرب بوجهه
الأرض ثم يموت.
أما عن الموت والهلاك فأكثر مما يوصف, وما
الطواعين التي حدثت إلا كقطرة في بحر منه, ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم:
فقد صارت الخانات ملآنة بجيف الموتى، فلم
يحتج الناس إلى الأدوية والأطباء, لأن الموت كان سريعا, حتى غلقت الأسواق، وشمل
الموت أهل الضّياع، وكان الناس يتساقطون، فكان الرجل يوجد ميتا خلف محراثه، ويوجد
آخر قد مات وفى يده ما يبذره. وماتت الفلّاحون بأسرهم إلا القليل، فلم يوجد من
يضمّ الزرع، وكثر الموت في أهل البحر, وحامت الطيور على السفن لموت من فيها من
التجار والركاب والصيادين, وتعطل الصيد بموت الصيادين فكان يخرج فى المركب عدّة
صيادين فيموت أكثرهم ويعود من بقى منهم فيموت بعد عوده من يومه هو وأولاده وأهله.
وكانت الجثث تلقى في البحر, وأغلقت الدروب بمن فيها وعاثت الوحش والطير بجثث من
مات, وماتت الوحوش والمواشي والطير ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم.
وربما صلّى فى اليوم الواحد بالجامع دفعة
واحدة على سبعمائة جنازة، وصاروا يحملون الموتى على الجنويّات والألواح والسلالم.
فلمّا دخل شهر رجب أوائل فصل الخريف، هبّت
فى نصف اللّيل ريح شديدة جدّا، واستمرّت حتّى مضى من النهار قدر ساعتين، فاشتدت
الظّلمة حتى كان الرجل لا يرى من بجانبه. ثم انجلت وقد علت وجوه الناس صفرة ظاهرة
فى وادى دمشق كلّه، وأخذ فيهم الموت مدّة شهر رجب فبلغ فى اليوم ألفا ومائتى إنسان،
وصارت الأموات مطروحة فى البساتين على الطّرقات.
و في شهر ربيع الأول , اجتمع الناس على
قراءة البخاري , و قرأوا سورة نوح بمحراب الصحابة ثلاثة آلاف و ثلاث مائة و ثلاثًا
و ستين مرة , اتباعًا لرؤيا رآها رجل . و دعوا برفع الطاعون .
ثم شرع الخطيب في القنوت في الصلوات و
الدعاء , و حصل للناس الخضوع و الخشوع و التضرع و التوجع و التوبة و الإنابة. ثم
خرج الناس كافّة بصبيانهم إلى المصلّى وكشفوا رءوسهم وضجّوا بالدعاء، وما زالوا
على ذلك ثلاثة أيام فتناقص الوباء حتّى ذهب بالجملة.
وكان ابتداؤه بالقاهرة ومصر فى النساء
والأطفال ثم بالباعة حتى كثر عدد الأموات, وأقام بها من أوّل شهر رجب إلى العشرين
منه.
وفى شعبان تزايد الوباء بديار مصر، وعظم فى
شهر رمضان, فرسم بالاجتماع فى الجوامع للدعاء، فاجتمع الناس بعامّة جوامع مصر
والقاهرة، وخرج المصريّون إلى مصلّى خولان, وجعل الناس يدعون إلى الله تعالى
ويقنتون فى صلواتهم, واشتد الوباء بعد ذلك حتى عجز الناس عن حصر الموتى.
وحدث فى الناس فى شوّال نفث الدّم، فكان
الإنسان يحسّ فى نفسه بحرارة ويجد غثيانا فيبصق دما ويموت عقيبه، ويتبعه أهل داره
واحدا بعد واحد حتى يفنوا جميعا بعد ليلة.
أو ليلتين، فلم يبق أحد إلا وغلب على ظنه
أنه يموت بهذا الداء، واستعدّ الناس جميعا وأكثروا من الصّدقات، وتحاللوا وأقبلوا
على العبادة، ولم يحتج أحد فى هذا الوباء إلى أشربة ولا أدوية ولا أطبّاء لسرعة
الموت، فما انتصف شوّال إلا والطرقات والأسواق قد امتلأت بالأموات، فانتدب جماعة
لمواراتهم وانقطع جماعة للصلاة عليهم، وخرج الأمر عن الحدّ، ووقع العجز عن العدد،
وهلك أكثر أجناد الحلقة وخلت الطّباق بالقلعة من المماليك السلطانية لموتهم.
فما أهلّ ذو القعدة إلا والقاهرة خالية
مقفرة، لا يوجد بشوارعها مارّ، بحيث إنه يمرّ الإنسان من باب زويلة إلى باب النصر
فلا يرى من يزاحمه، لاشتغال الناس بالموتى، وعلت الأتربة على الطّرقات، وتنكّرت
وجوه الناس، وامتلأت الأماكن بالصّياح، فلا تجد بيتا إلا وفيه صيحة، ولا تمرّ
بشارع إلا وترى فيه عدّة أموات.
ويقال: بلغت عدّة الأموات فى يوم واحد عشرين
ألفا، وحصرت الجنائز بالقاهرة فقط فى مدّة شعبان ورمضان فكانت تسعمائة ألف، سوى من
مات خارج القاهرة وهم أضعاف ذلك.
ويقال: إنّ هذا الوباء أقام يدور على أهل
الأرض مدّة خمسة عشرة سنة.فكان الناس يسمّونه الفصل الكبير، ويسمّونه أيضا بسنة
الفناء.
وقد أكثر الناس من ذكر هذا الوباء فى
أشعارهم فممّا قاله شاعر ذلك العصر الشيخ جمال الدين محمد بن نباتة: [الخفيف]
سر بنا عن
دمشق يا طالب العي ... ش فما فى المقام للمرء رغبه
رخصـــــــــــــت
أنفس الخلائق بالطّا ... عون فيها فكـــــــــــلّ نفس بحبّه
وقال الشيخ صلاح الدين الصّفدىّ وأكثر فى
هذا المعنى على عادة إكثاره، فممّا قاله فى ذلك: [الوافر]
رعى الرحمن
دهرا قـــد تولّى ... يجازى بالسّلامة كلّ شـــــرط
وكان الناس فى
غفلات أمر ... فجاطاعونهم من تحت إبط
وقال أيضا: [الكامل]
قد قلت
للطّاعون وهو بغــــــــــــــــزّة ... قد جال من قطيا إلى بيروت
أخليت أرض
الشام من سكّانها ... وأتيت يا طاعون بالطاغــــــوت
وقال الشيخ بدر الدين حسن [بن عمر بن الحسن بن
حبيب فى المعنى من قصيدة أوّلها: [الخفيف]
إنّ هذا
الطاعون يفتك فى العا ... لم فتك امرئ ظلوم حســــــود
ويطوف البلاد
شرقا وغــــــــــــــــربا ... ويسوق الخلوق
نحو اللّحود
ولابن الوردىّ فى المعنى: [البسيط]
قالوا فساد
الهواء يردى ... فقلت يردى هوى الفساد
كم سيّئات وكــــم
خطايا ... نادى عليكم بها المنادى
وقال أيضا: [الرّمل]
حلب والله يكفـــــــى
... شرّها أرض مشقّه
أصبحت حيّة
سوء ... تقتل الناس ببــزقه
ولابن الوردىّ أيضا: [الرجز]
إنّ الوبا قـــــــــــــد
غلبا ... وقـــد بدا فى حلبا
قالوا له على
الورى ... كاف ورا قلت وبا
وقال أيضا: [الكامل]
سكّان سيس
يسرّهم ما ساءنا ... وكذا العوائد من عدوّ الدّين
الله ينفذه
إليهـــــــــــــــــــــــــم عاجلا ... ليمزّق الطاغوت بالطاعــــون
وقال الأديب جمال الدين إبراهيم المعمار فى
المعنى: [الرمل]
قبح الطاعـــون
داء ... فقدت فيه الأحبّه
بيعت الأنفس
فيه ... كــــــــلّ إنسان بحبّه
وله أيضا فى المعنى: [السريع]
يا طالب المــــوت
أفق وانتبه ... هذا أوان الموت ما فاتا
قــد رخص الموت على أهله ... ومات مــــن لا عمره ماتا
ثم أخذ الوباء يتناقص فى أوّل المحرّم من
سنة خمسين وسبعمائة.
جزاك الله خير
ردحذف