خطبة مكتوبة: تحريم التشبه بالكافرين في أعيادهم...بقلم أبي عبدالله فهمي البوري
خطبة جمعة
تحريم التشبه بالكافرين
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله
من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له,
واشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, واشهد آن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا
وانتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق
منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن
الله كان عليكم رقيبا)
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا .
يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
فان خير الحديث كتاب الله, و خير الهدي هدي محمد صلى
الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة
في النار)) .
وبعد :
تعريف التشبه لغة واصطلاحا: ( الشبه والشبه والشبيه: المثل، والجمع
أشباه. وأشبه الشيء الشيء: ماثله. وفي المثل: من أشبه أباه فما ظلم. وأشبه الرجل
أمه: وذلك إذا عجز وضعف؛ عن ابن الأعرابي؛ وأنشد:
أصبح فيه شبه من أمه، ... من عظم الرأس ومن خرطمه أراد من خرطمه
فشدد للضرورة، وهي لغة في الخرطوم، وبينهما
شبه بالتحريك، والجمع مشابه على غير قياس، كما قالوا محاسن ومذاكير. وأشبهت فلانا
وشابهته واشتبه علي وتشابه الشيئان واشتبها: أشبه كل واحد منهما صاحبه. وفي
التنزيل: (مشتبها وغير متشابه)
. وشبهه إياه وشبهه به مثله. والمشتبهات من
الأمور: المشكلات. والمتشابهات: المتماثلات. وتشبه فلان بكذا. والتشبيه: التمثيل)لسان العرب.
واصطلاحا: فهو: (عبارة عن محاولة الإنسان أن يكون شبه المتشبه به
أو على هيئته وحليته ونعته وصفته، أو هو: عبارة عن تكلف ذلك وتقصده وتعلمه.
وقد يعبر عن التشبه بالتشكل والتمثل والتزيى
والتحلي والتخلق، أو يختص هذا الأخير بتكلف الأخلاق والطبائع والصفات اللازمة.
وقال المناوي شارحاً معنى (من تشبه بقوم فهو
منهم) . أي تزي في ظاهره بزيهم وفي تعرفه بفعلهم وفي تخلقه بخلقهم، وسار بسيرتهم
وهديهم في ملبسهم وبعض أفعالهم أي وكان التشبه بحق قد طابق فيه الظاهر والباطن.
وقال بعضهم قد يقع التشبه في أمور قلبية من
الاعتقادات والإرادات، وأمور خارجية من أقوال وأفعال، قد تكون عبادات، وقد تكون
عادات في نحو طعام ولباس ومسكن ونكاح واجتماع وافتراق وإقامة وركوب وغيره.
قلت: يفهم من هذا أن التشبه يتضمن الاعتقادات
والعبادات، والأخلاق والعادات الظاهرة.
ولكن أكثر ما يقع التشبه في الأخلاق
والمظاهر البارزة والعادات، وهذه الأشياء هي التي تدل على اعتقاد الإنسان وأفكاره
وما انطوت عليه نفسه، ومدى تأثره بالمجتمع الذي يعيش فيه والاتجاه الذي يسلكه)الأعياد وأثرها على المسلمين99-100.
حكم التشبه:
(قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله عند حديث ابن عمر: رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من
تشبه بقوم فهو منهم»: وهذا الحديث أقل أحواله أن
يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم كما في قوله:
{وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ} المائدة: 51 وهو نظير ما سنذكره عن عبد الله بن عمرو أنه
قال من بنى بأرض المشركين وصنع نيروزهم ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت حشر معهم يوم
القيامة .
فقد يحمل هذا على التشبه المطلق فإنه يوجب
الكفر، ويقتضي تحريم أبعاض ذلك وقد يحمل على أنه منهم في القدر المشترك الذي شابههم
فيه فإن كان كفرا، أو معصية، أو شعارا لها كان حكمه كذلك.
وبكل حال يقتضي تحريم التشبه بعلة كونه
تشبها، والتشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه وهو نادر ومن تبع غيره في فعل
لغرض له في ذلك إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير، فأما من فعل الشيء واتفق
أن الغير فعله أيضا ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبها نظر لكن قد ينهى
عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه، ولما فيه من المخالفة، كما أمر بصبغ اللحى وإحفاء
الشوارب، مع أن قوله صلى الله عليه وسلم: «غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود.» دليل
على أن التشبه بهم يحصل بغير قصد منا، ولا فعل بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا
وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية.
وقد روى في هذا الحديث عن ابن عمر رضي الله
عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التشبه بالأعاجم وقال: «من تشبه
بقوم فهو منهم» ذكره القاضي أبو يعلى)اقتضاء الصراط المستقيم1/270-272 .
التشبه بالكافرين في أعيادهم:
لقد تكاثرت نصوص الكتاب والسنة بذم التشبه بالكافرين على
وجه العموم والاطلاق ومن ذلكم: قال تعالى: {وَلَقَدْ
آتَيْنَا بَنِي إِسْرائيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ
مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ وَآتَيْنَاهُمْ
بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ
الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى
شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا
يَعْلَمُونَ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَإِنَّ الظَّالِمِينَ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}الجاثية: 16- 18 ,قال ابن تيمية رحمه الله: (أخبر
سبحانه أنه أنعم على بني إسرائيل بنعم الدين والدنيا، وأنهم اختلفوا بعد مجيء
العلم بغيا من بعضهم على بعض.
ثم جعل محمدا صلى الله عليه وسلم على شريعة
شرعها له وأمره باتباعها، ونهاه عن اتباع أهواء الذين لا يعلمون، وقد دخل في الذين
لا يعلمون: كل من خالف شريعته.
وأهواؤهم: هو ما يهوونه، وما عليه المشركون
من هديهم الظاهر، الذي هو من موجبات دينهم الباطل، وتوابع ذلك، فهم يهوونه، وموافقتهم
فيه اتباع لما يهوونه، ولهذا: يفرح الكافرون بموافقة المسلمين في بعض أمورهم ويسرون
به، ويودون أن لو بذلوا عظيما ليحصل ذلك، ولو فرض أن ليس الفعل من اتباع أهوائهم
فلا ريب أن مخالفتهم في ذلك أحسم لمادة متابعتهم، وأعون على حصول مرضاة الله في
تركها، وأن موافقتهم في ذلك قد تكون ذريعة إلى موافقتهم في غيره، فإن من حام حول
الحمى أوشك أن يواقعه، وأي الأمرين كان؛ حصل المقصود في الجملة؛ وإن كان الأول
أظهر.) اقتضاء الصراط المستقيم1/97 ,وقوله تعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى
تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ
اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ
اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}البقرة120 , قال ابن تيمية رحمه الله: (فانظر كيف قال في الخبر:
(مِلَّتَهُمْ) ، وقال في النهي (أَهْوَاءَهُمْ) ، لأن القوم لا يرضون إلا باتباع
الملة مطلقا، والزجر وقع عن اتباع أهوائهم في قليل أو كثير، ومن المعلوم أن
متابعتهم في بعض ما هم عليه من الدين نوع متابعة لهم في بعض ما يهوونه، أو مظنة لمتابعتهم
فيما يهوونه، كما تقدم. ومن هذا الباب
قوله سبحانه: {وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا
تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ
بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا
جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ}البقرة: 145... قال غير واحد من السلف " معناه: لئلا يحتج
اليهود عليكم بالموافقة في القبلة، فيقولون: قد وافقونا في قبلتنا، فيوشك أن
يوافقونا في ديننا، فقطع الله بمخالفتهم في القبلة هذه الحجة، إذ الحجة: اسم لكل
ما يحتج به من حق وباطل، {إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ}البقرة: 150 وهم قريش، فإنهم يقولون: عادوا إلى قبلتنا،
فيوشك أن يعودوا إلى ديننا ".
فبين سبحانه أن من حكمة نسخ القبلة وتغييرها
مخالفة الناس الكافرين في قبلتهم، ليكون ذلك أقطع لما يطمعون فيه من الباطل،
ومعلوم أن هذا المعنى ثابت في كل مخالفة وموافقة، فإن الكافر إذا اتُّبع في شيء من
أمره كان له في الحجة مثل ما كان أو قريب مما كان لليهود من الحجة في القبلة.) اقتضاء الصراط المستقيم1/99-101 , {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا
تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ (1) نُوَلِّهِ
مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ} النساء: 115 إلى غير ذلك من الآيات.
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ،
شِبْرًا شِبْرًا وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ
تَبِعْتُمُوهُمْ» ، قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اليَهُودُ وَالنَّصَارَى؟
قَالَ: «فَمَنْ»البخاري7320مسلم2669, طريق من قبلكم والذي يظهر أن التخصيص إنما وقع لجحر
الضب لشدة ضيقه ورداءته ومع ذلك فإنهم لاقتفائهم آثارهم واتباعهم طرائقهم لو دخلوا
في مثل هذا الضيق الرديء لتبعوهم ونحن نشاهد تقليد أجيال الأمة لأمم الكفر في
الأرض واضحا جليا فيما هي عليه من أخلاق ذميمة وعادات فاسدة تفوح منها رائحة النتن
وتمرغ أنف الإنسانية في مستنقع من وحل الرذيلة والإثم وتنذر بشر مستطير.
وعن عَائِشَةَ، وَابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهُمْ، قَالاَ: (لَمَّا نَزَلَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، طَفِقَ يَطْرَحُ خَمِيصَةً عَلَى وَجْهِهِ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا
عَنْ وَجْهِهِ، فَقَالَ: وَهُوَ كَذَلِكَ: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى اليَهُودِ،
وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ» يُحَذِّرُ مَا
صَنَعُوا)البخاري3453
وفيه ذم اليهود والنصارى في اتخاذهم قبور أنبيائهم مساجد
وتحذير الأمة من سلوك طريقهم.
وأما ما ورد من تحريم المشابهة لهم في أعيادهم فمن ذلك:
قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ
الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً}. أي لا يحضرون الكذب
والباطل ولا يشاهدونه. والزور كل باطل زور وزخرف، وأعظمه الشرك وتعظيم الأنداد.
وبه فسر الضحاك وابن زيد وابن عباس وفي رواية عن ابن عباس أنه أعياد المشركين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ("وقول
هؤلاء التابعين أنه أعياد الكفار، ليس مخالفاً لقول بعضهم: أنه الشرك أو صنم كان
في الجاهلية، ولقول بعضهم: أنه مجالس الخنا، وقول بعضهم أنه الغناء؛ لأن عادة
السلف في تفسيرهم، هكذا يذكر الرجل نوعاً من أنواع المسمى لحاجة المستمع إليه، أو
لينبه به على الجنس.) اقتضاء الصراط المستقيم1/481 , عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبان فيهما فقال: "ما هذان اليومان؟
قالوا: كنا نعلب فيهما في الجاهلية، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله
قد أبدلكم بهما خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر). فقوله صلى الله عليه وسلم:
«إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما» يقتضي ترك الجمع بينهما، لا سيما وقوله: «خيرا
منهما» يقتضي الاعتياض بما شرع لنا، عما كان في الجاهلية.) اقتضاء الصراط المستقيم1/487, وعن ثابت بن الضحاك قال: «نذر رجل على عهد رسول الله صلى
الله عليه وسلم أن ينحر إبلا ببوانة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني
نذرت أن أنحر إبلا ببوانة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هل كان فيها وثن
من أوثان الجاهلية يعبد؟ "، قالوا لا، قال: " فهل كان فيها عيد من
أعيادهم؟ " قالوا لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أوف بنذرك؛
فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يملك ابن آدم» أصل هذا الحديث في
الصحيحين وهذا الإسناد على شرط الصحيحين، وإسناده كلهم ثقات مشاهير، وهو متصل بلا
عنعنة.
(وهذا يدل على أن الذبح بمكان عيدهم ومحل
أوثانهم معصية لله، من وجوه:
أحدها: أن قوله: «فأوف بنذرك» تعقيب للوصف
بالحكم بحرف الفاء، وذلك يدل على أن الوصف هو سبب الحكم؛ فيكون سبب الأمر بالوفاء:
وجود النذر خاليا من هذين الوصفين، فيكون الوصفان مانعين من الوفاء، ولو لم يكن
معصية لجاز الوفاء به.
الثاني: أنه عقب ذلك بقوله: «لا وفاء لنذر
في معصية الله» ولولا اندراج الصورة المسئول عنها في هذا اللفظ العام، وإلا لم يكن
في الكلام ارتباط، والمنذور في نفسه - وإن لم يكن معصية - لكن لما سأله النبي صلى
الله عليه وسلم عن الصورتين قال له: «فأوف بنذرك» ، يعني: حيث ليس هناك ما يوجب
تحريم الذبح هناك، فكان جوابه صلى الله عليه وسلم فيه أمرا بالوفاء عند الخلو من
هذا، ونهى عنه عند وجود هذا، وأصل الوفاء بالنذر معلوم، فبين ما لا وفاء فيه واللفظ
العام إذا ورد على سبب، فلا بد أن يكون السبب مندرجا فيه.
الثالث: أنه لو كان الذبح في موضع العيد
جائزا لسوغ صلى الله عليه وسلم للناذر الوفاء به، كما سوغ لمن نذرت الضرب بالدف أن
تضرب به، بل لأوجب الوفاء به؛ إذ كان الذبح بالمكان المنذور واجبا، وإذا كان الذبح
بمكان عيدهم منهيا عنه، فكيف الموافقة في نفس العيد بفعل بعض الأعمال التي تعمل
بسبب عيدهم؟
.) اقتضاء الصراط المستقيم1/495-496
أسباب التشبه:
·
الميل إلى الشهوات, حيث يحصل في هذه الاحتفالات من
اختلاط النساء بالرجال، وشُرْب المسكرات، ورقص النساء مع الرجال، والغناء
والمعازف.
·
الشعور بالنقص, وعدم الاعتزاز بالنفس وبمعتقداتها, المؤدي
إلى التقليد الأعمى للنصارى.
·
الجهل بحقيقة الدين والنظر إليه بأنه السبب إلى التخلف وأن
مشاركة المسيحيين في احتفالاتهم صورة من صور الحضارة والتقدم.
·
الغزو الفكري وانخراط الشباب في الأفكار والمعتقدات
الواردة عل مجتمعاتنا.
·
كثرة الاختلاط بالكفار سواء بذهاب المسلم إلى بلادهم
للدراسة أو السياحة أو التجارة أو غير ذلك ,فيتأثر بذلك فيحاول محاكاتهم فيه.
·
قوة وسائل الإعلام الغربية في نشر تلك الاحتفالات والتفنن في العرض
والإغراء.
الخطبة الثانية:
عيد الكريسمس: أو(الاحتفال
بعيد ميلاد المسيح جرت عادة النصارى على الاحتفال بعيد ميلاد المسيح. وهذا العيد
يكون في اليوم الذي يزعمون أنه ولد فيه المسيح ابن مريم، وهو يوم 24 كانون الأول
(ديسمبر) آخر شهر في السنة الميلادية.
وسنتهم في ذلك كثرة الوقود، وتزيين الكنائس، وكذلك
البيوت والشوارع والمتاجر، ويستعملون فيه الشموع الملونة، والزينات بأنواعها وفي
بعض البلدان الإسلامية بالاحتفال بهذه المناسبة.)البدع الحولية1/387.
ومن شعاراتهم تقديم الهدايا وأصبح
القديس (نيكولاس) رمزاً لتقديم الهدايا في العيد من دول أوروبا، ثم حل البابا
(نويل) أو ما يعرف بسانتا كلوز محل القديس (نيكولاس) وهو أسقف ميرا الذي ظهر في
القرن الخامس, حيث كان يقدم الهدايا للفقراء والمحتاجين ليلا دون أن يعلموا من هو
فاتخذ رمزاً لتقديم الهدايا خاصة للأطفال . وقد تأثر كثير من المسلمين في مختلف
البلاد بتلك الشعائر والطقوس؛ حيث تنتشر هدايا البابا (نويل) المعروفة في المتاجر
والمحلات التي يملكها في كثير من الأحيان مسلمون، وكم من بيت دخلته تلك الهدايا،
وكم من طفل مسلم يعرف البابا (نويل) وهداياه! فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ومن شعاراتهم شجرة الكريسماس ويرجع ظهورها
في ألمانيا بعد دخول البابا بونيفاس الذي أرسل بعثة تبشيرية لألمانيا وطلب منهم
شجرة صنوبر صغيرة تعبيرا عن ميلاد المسيح حيث اللون الأخضر يدل على الخلود, ثم
وضعت نجمة على رأس الشجرة إشارة إلى نجمة بيت لحم التي لمعت على رأس المسيح ليلة
مولده, ثم زينت بالشرائط الحمر والتفاح.
الآثار السيئة في مشابهة الكفار في أعيادهم: كثيرة والإسلام أغلق علينا مشابهتهم, فيما لا كسب لنا
فيه, ليحسم هذا الباب ويغلقه فعن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ:
إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ اليَهُودَ،
وَالنَّصَارَى لاَ يَصْبُغُونَ، فَخَالِفُوهُمْ»البخاري3462مسلم2103, وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: (من
بنى ببلاد الأعاجم فصنع نيروزهم
ومهرجانهم وتشبه بهم حتى يموت، وهو كذلك حشر معهم يوم القيامة)السنن الكبرى للبيهقي9/392 وعن عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
(اجْتَنِبُوا أَعْدَاءَ اللهِ فِي عِيدِهِمْ ) السنن الكبرى للبيهقي9/392 . وذلك لما يترتب على ذلك
من الآثار السيئة ومنها:
·
أن في مشابهتهم سبب للتقرب منهم والتخلق بأخلاقهم المذمومة في ديننا.
·
أن مشاركتهم في أعيادهم, يزهد في أعيادنا بسبب المزاحمة. وهذا مشاهد فإن من
أكثر من سماع الأناشيد قلة رغبته إلى القران.
·
أن مشابهتهم ومشاركتهم أعيادهم يورث لهم سرورا واعتزازا بباطلهم.
·
أن مشابهتهم ومشاركتهم أمر بالمنكر ونهي عن المعروف, لاسيما وهذه الأعياد
مليئة بالمنكرات.
·
الإسراف في الأموال وضياع الأوقات في أمور باطلة.
·
ضعف في الهوية الإسلامية بسبب التبعية.
·
الاقتباس من تلك الأعياد في بعض
الأمور وإلصاقها بأعيادنا الشرعية واستمرار عمل الناس عليها ظنا أنها من ديننا.
والحمد لله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق