خطبة مكتوبة: بعنوان من أحكام التيمم...بقلم : أبي عبدالله فهمي البوري
خطبة جمعة
التيمم وأحكامه
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله
من شرور أنفسنا, وسيئات أعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل فلا هادي له,
واشهد أن لا اله إلا الله, وحده لا شريك له, واشهد آن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا
وانتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق
منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن
الله كان عليكم رقيبا)
(يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا . يصلح
لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
فان خير الحديث كتاب الله, و خير الهدي هدي محمد صلى
الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة
في النار)) .
وبعد : يقَولَ تَعَالَى: {وَما
جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}الحج: 78 ، أي فِي جَمِيعِ أُمُورِ الدِّينِ
وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (دِينُ اللَّهِ
يُسْرٌ) ، وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَسِّرُوا وَلَا
تُعَسِّرُوا) . وَالْيُسْرُ مِنَ السُّهُولَةِ، فهذه حنيفية سمحة تدعو إلى
التيسير, ومن قواعدها (أن المشقة تجلب التيسير) شريطة أن لا تصادم نصا فان صادمته روعي
النص دونها, وإن تنفك عن التكليف, وأما التي لا تنفك عنه كقتال البغاة ورجم الزناة
وغيرها فلا أثر لها فيها . وَمن هذا التيسير َالذي اختصت هَذِهِ الْأُمَّةُ به هو مشَرْوعِيَّةِ
التَّيَمُّمِ دُونَ سَائِرِ الْأُمَمِ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ
جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أعطِيتُ خَمْسًا لَمْ يُعْطَهُنَّ
أحدٌ قَبْلي:نُصِرتُ بالرُّعبِ مَسِيرةَ شَهْرٍ وجعلتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا
وَطَهُورًا، فَأَيُّمَا رَجُلٍ مِنْ أُمَّتِي أَدْرَكَتْهُ الصلاة فليصل -وفي لفظ:
فعنده طَهُورُه مسجده-وأحِلَّتْ لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ
قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفَاعَةَ، وَكَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ
وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً)البخاري 335 مسلم521..
وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: (فُضِّلْنَا
عَلَى النَّاسِ بِثَلَاثٍ: جُعِلَتْ صُفُوفُنَا كَصُفُوفِ الْمَلَائِكَةِ،
وَجُعِلَتْ لَنَا الْأَرْضُ مَسْجِدًا، وَتُرْبَتُهَا طَهُورًا إِذَا لَمْ نَجِدِ
الْمَاءَ)مسلم522.
تعريف التيمم:
[ في اللغة مطلق القصد، لقوله تعالى:{ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} البقرة: 267 .
قال الشاعر:
إِنِّي كَذَاكَ إِذَا مَا سَاءَنِي بَلَدٌ ... يَمَّمْتُ
وجه بَعِيرِي غَيْرَهُ بَلَدَا
وَلِلشَّافِعِيِّ رَحمه اللَّهُ تعالى:
عِلْمِي مَعِي حَيْثُمَا يَمَّمْتُ أَحْمِلُهُ ...
بَطْنِي وِعَاءٌ لَهُ لَا بَطْنُ صُنْدُوقِ
قَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: قَوْلُهُ تَعَالَى:
(فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) أَيِ اقْصِدُوا، ثُمَّ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهُمْ
لِهَذِهِ الْكَلِمَةِ حَتَّى صَارَ التَّيَمُّمُ مَسْحَ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ
بِالتُّرَابِ]تفسير القرطبي بتصرف5/232.
[وفي الشرع: قصد الصعيد الطاهر، واستعماله بصفة مخصوصة؛
لإزالة الحدث. ]التعريفات
للجرجاني.
سَبَبِ نُزُولِ مَشْرُوعِيَّةِ التَّيَمُّمِ:
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ
رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ،
حَتَّى إِذَا كُنَّا فِي الْبَيْدَاءِ (6) -أَوْ بِذَاتِ الْجَيْشِ-انْقَطَعَ
عِقْدٌ لِي، فَأَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
الْتِمَاسِهِ، وَأَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ
مَعَهُمْ مَاءٌ، فَأَتَى النَّاسُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَقَالُوا: أَلَا تَرَى مَا
صَنَعَتْ عَائِشَةُ؟ أَقَامَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَبِالنَّاسِ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ مَاءٌ! فَجَاءَ
أَبُو بَكْرٍ، وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ
رَأْسَهُ عَلَى فَخِذِي قَدْ نَامَ، فَقَالَ: حَبَسْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالنَّاسَ، وَلَيْسُوا عَلَى مَاءٍ وَلَيْسَ مَعَهُمْ
مَاءٌ! قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَاتَبَنِي أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ
أَنْ يَقُولَ، وَجَعَلَ يَطْعَنُ بِيَدِهِ فِي خَاصِرَتِي، وَلَا يَمْنَعُنِي مِنَ
التَّحَرُّكِ إِلَّا مَكَانُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
عَلَى فَخِذِي، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى
غَيْرِ مَاءٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ
آيَةَ التَّيَمُّمِ فَتَيَمَّمُوا، فَقَالَ أُسَيْدُ بْنُ الْحُضَيْرِ: مَا هِيَ
بِأَوَّلِ بَركتكم يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ. قَالَتْ: فَبَعَثْنَا الْبَعِيرَ الَّذِي
كُنْتُ عَلَيْهِ، فَوَجَدْنَا الْعِقْدَ تَحْتَهُ)البخاري (4607).
مشروعية التيمم:
فقد دل على ذلك الكتاب من قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى
سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ
فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ
وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} النساء43. ومن السنة كذلك فعَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، (قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ،
فَقَالَ: إِنِّي أَجْنَبْتُ فَلَمْ أُصِبِ المَاءَ، فَقَالَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ
لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ: أَمَا تَذْكُرُ أَنَّا كُنَّا فِي سَفَرٍ أَنَا
وَأَنْتَ، فَأَمَّا أَنْتَ فَلَمْ تُصَلِّ، وَأَمَّا أَنَا فَتَمَعَّكْتُ
فَصَلَّيْتُ، فَذَكَرْتُ لِلنَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلم، فَقَالَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيكَ هَكَذَا» فَضَرَبَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَفَّيْهِ الأَرْضَ، وَنَفَخَ فِيهِمَا، ثُمَّ
مَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ وَكَفَّيْهِ)البخاري338. وقد انعقد الإجماع
على ذلك حكاه ابن المنذر فقال: (وأجمعوا على أن التيمم
بالتراب الغبار جائز)الإجماع
لابن المنذر1/36.
شروط التيمم:
- · دخول وقت الصلاة, وخالفت الأحناف فقالوا بجوازه قبل دخول الوقت.
- · النية, لحديث عمر: (إنما الأعمال بالنيات)متفق عليه.
- · فقد الماء بعد طلبه إياه, أو العجز عن استعماله.
- · الإسلام, إلا أن تكون كتابية انقطع حيضها أو نفاسها,فانه يصح تيممها ضرورة لتحل لزوجها.
- · عدم الحيض والنفاس.
- · العقل, إلا في حق المجنونة فتتيمم ليحل قربانها.
- · عدم وجود الحائل بين التراب والممسوح عليه من دهان أو شمع أو غيره.
·
كيفية التيمم:
أولا: عليه أن ينوي استباحة العبادة بتيممه,وهي شرط عند الأحناف
والحنابلة وركن عند الشافعية والمالكية, ويقصد في ذلك الصعيد الطاهر لقوله تعالى:
{فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا}, و(الصَّعِيدُ:
وَجْهُ الْأَرْضِ كَانَ عَلَيْهِ تُرَابٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَهُ الْخَلِيلُ
وَابْنُ الْأَعْرَابِيِّ وَالزَّجَّاجُ. قَالَ الزَّجَّاجُ: لَا أَعْلَمُ فِيهِ
خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ اللُّغَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (وَإِنَّا لَجاعِلُونَ
مَا عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً )الكهف18 أَيْ أَرْضًا غَلِيظَةً لَا تُنْبِتُ شَيْئًا. وَقَالَ
تَعَالَى (فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً ) الكهف18 .
وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّةِ:
كَأَنَّهُ بِالضُّحَى تَرْمِي الصَّعِيدَ بِهِ ... دَبَّابَةٌ فِي عِظَامِ الرَّأْسِ
خُرْطُومُ
... وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ:
الصَّعِيدُ التُّرَابُ الْمُنْبِتُ وَهُوَ الطَّيِّبُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
(وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ )الاعراف58 فَلَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ عِنْدَهُمْ
عَلَى غَيْرِهِ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَقَعُ الصَّعِيدُ إِلَّا عَلَى
تُرَابٍ ذِي غُبَار) تفسير
القرطبي5/235, وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ لِحَدِيثِ أَبِي جُهَيْمِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الْأَنْصَارِيِّ (قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَلَقِيَهُ رَجُلٌ
فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ بِوَجْهِهِ وَيَدَيْهِ،
ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ). أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ337.
ثانيا: البسملة وهي سنة عند الجمهور.
ثالثا: أن يَضَرَبَ بِكَفِّهِ ضَرْبَةً عَلَى الأَرْضِ، ثُمَّ ينَفَضَهَا،
ثُمَّ يمَسَحَ بِهِمَا ظَهْرَ كَفِّهِ بِشِمَالِهِ أَوْ ظَهْرَ شِمَالِهِ
بِكَفِّهِ، ثُمَّ يمَسَحَ بِهِمَا وَجْهَهُ .
والحمد لله.
الخطبة الثانية:
أمور تتعلق بالتيمم:
·
(أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ
التَّيَمُّمَ لَا يَرْفَعُ الْجَنَابَةَ وَلَا الْحَدَثَ، وَأَنَّ الْمُتَيَمِّمَ
لَهُمَا إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ عَادَ جُنُبًا كَمَا كَانَ أَوْ مُحْدِثًا،
لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِأَبِي ذَرٍّ: (إِذَا وَجَدْتَ الْمَاءَ
فَأَمِسَّهُ جِلْدَكَ))تفسير القرطبي5/234.
·
(وَأَجْمَعُوا عَلَى
أَنَّ مَنْ تيمم ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّلَاةِ
بَطَلَ تَيَمُّمُهُ، وَعَلَيْهِ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى
أَنَّ مَنْ تَيَمَّمَ وَصَلَّى وَفَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ، وقد كان اجتهد طَلَبِهِ
الْمَاءَ وَلَمْ يَكُنْ فِي رَحْلِهِ أَنَّ صَلَاتَهُ تَامَّةٌ، لِأَنَّهُ أَدَّى
فَرْضَهُ كَمَا أُمِرَ. فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ تُوجَبَ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ
بِغَيْرِ حُجَّةٍ. وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَحَبَّ لَهُ أَنْ يُعِيدَ فِي الْوَقْتِ
إِذَا تَوَضَّأَ وَاغْتَسَلَ) تفسير القرطبي5/234.
·
(وَاخْتَلَفَ
الْعُلَمَاءُ إِذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَ دُخُولٍ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ
مَالِكٌ: لَيْسَ عَلَيْهِ قَطْعُ الصَّلَاةِ وَاسْتِعْمَالُ الْمَاءِ وَلْيُتِمَّ
صَلَاتَهُ وَلْيَتَوَضَّأْ لِمَا يَسْتَقْبِلُ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ
وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ. وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَجَمَاعَةٌ مِنْهُمْ
أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْمُزَنِيُّ: يَقْطَعُ وَيَتَوَضَّأُ وَيَسْتَأْنِفُ
الصَّلَاةَ لِوُجُودِ الْمَاءِ) تفسير القرطبي5/235 , والأول اظهر لقوله تعالى: { وَلا تُبْطِلُوا
أَعْمالَكُمْ }.
جزيت خيرا كثيرا ..سلمت من كل مكروه
ردحذفCasino Near Me - MapyRO
ردحذفFind all information 전주 출장샵 and reviews of Casino Near Me in Las Vegas - view the 대구광역 출장샵 maps, 출장마사지 photos and maps, see activity, 광주 출장안마 directions, 김포 출장마사지 and learn more.