خطبة جمعة - احكام يوم عاشورا. بقلم ابي عبدالله فهمي البوري
خطبة جمعة
احكام يوم عاشورا
إن الحمد لله نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره
ونعوذ بالله من شرور انفسنا, وسيئات اعمالنا ,من يهده الله فلا مضل له, ومن يضلل
فلا هادي له, واشهد ان لا اله الا الله, وحده لا شريك له, واشهد ان محمدا عبده
ورسوله.
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله حق تقاته
ولا تموتن الا وانتم مسلمون)
(يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس
واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به
والارحام ان الله كان عليكم رقيبا)
(يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا
قولا سديدا . يصلح لكم اعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا
عظيما).
((اما بعد :
فان خير الحديث كتاب الله, وخير الهدي هدي محمد صلى الله
عليه وسلم, وشر الامور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة و كل ضلالة في
النار)) .
وبعد :
يقول الله تبارك وتعالى :(ان عدة الشهور عند الله اثنا
عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات
والارض منها اربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن انفسكم) التوبة 36.
وعن ابي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : ((.. السنة اثنا عشر شهرا, منها اربعة حرم : ثلاث متواليات ذو القعدة, وذو
الحجة, والمحرم, ورجب مضر الذي بين جمادي وشعبان)) البخاري4662ومسلم 1679
فشهر الله المحرم هو احد الاشهر الحرم سمي بذلك لأنه شهر
محرم فيه القتال, وقد اضافه الله الى نفسه اضافة تشريف وتعظيم .
حكمه :
قال العثيمين رحمه الله تعالى : ((يسن صوم شهر الله
المحرم وهو الذي يلي شهر ذي الحجة, وهو الذي جعله امير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي
الله عنه اول شهور السنة, وصومه افضل الصيام بعد رمضان, كما قال النبي صلى الله
عليه وسلم((افضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم)) مسلم 1163 من حديث ابي هريرة .
وان اكد ايام هذا الشهر صياما يومي العاشر ثم التاسع,
قال النووي :(( اتفق العلماء على ان صوم عاشورا سنة ))شرح مسلم .
تعيينه:
((وقد اختلف العلماء في تعيين يوم عاشورا :
فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف الى ان عاشورا هو
اليوم العاشر من محرم.
وقد قيل: انه اليوم التاسع. وقالوا: انه مذهب ابن عباس,
واستدلوا على ذلك بما في صحيح
مسلم (1133) : ان الحكم ابن الاعرج سال ابن عباس عن صوم
يوم عاشورا ؟ فقال : اذا رأيت هلال محرم, فأعدد واصبح يوم التاسع صائما . قلت هكذا
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه ؟ قال : نعم .
والظاهر ان ابن عباس رضي الله عنهما انما اراد بصيام
التاسع مخالفة اليهود, لا انه هو اليوم التاسع, بدليل ما جاء في صحيح مسلم (1134)
: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صام يوم عاشورا وامر بصيامه قالوا : يا
رسول الله, انه يوم تعظمه اليهود, والنصارى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(فاذا كان العام المقبل ان شاء الله صمنا اليوم التاسع), فلم يأت العام المقبل حتى
توفي النبي صلى الله عليه وسلم).
ويؤيده ما ثبت عند سعيد بن منصور بإسناد صحيح كما في
اقتضاء الصراط المستقيم, عن ابن عباس رضي الله عنه انه قال : (صوموا التاسع
والعاشر, خالفوا اليهود), ثم وجدته عند عبدالرزاق (7839), والبيهقي(4/287) بإسناد
صحيح ايضا)) فتح العلام 2/703 .
فضله :
من فضائل يوم عاشورا انه يكفر ذنوب سنة كاملة, فعن ابي
قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صيام يوم عاشورا اني احتسب على الله ان يكفر
السنة التي قبل)) مسلم 1163 .
ومن فضائله حرص النبي صلى الله عليه وسلم على صيامه
وتحريه له, فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ((ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى
صيام يوم فضله على غيره الا هذا اليوم يوم عاشورا, وهذا الشهر – يعني شهر رمضان - )) البخاري 2006 ومسلم 1132 .
ومن فضائله ايضا انه يوم فرح نصر الله فيه موسى وقومه
واهلك عدوهم فرعون وقومه, فعن ابن عباس رضي الله عنهما, قال: ((قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى
اليهود تصوم يوم عاشورا, فقال: (ما هذا؟ . قالوا: هذا يوم نجى الله بني اسرائيل من
عدوهم فصامه موسى عليه الصلاة والسلام, قال:(فأنا احق بموسى منكم), فصامه وامر
بصيامه)) البخاري 2004 مسلم 1130 .
ويضاف لذلك تعظيم اهل الجاهلية له وصيامهم اياه وصيام
النبي صلى الله عليه وسلم له قبل البعثة, قالت عائشة رضي الله عنها: ((كانت قريش تصوم عاشورا في الجاهلية, وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية)) مسلم 1125 .
((وفي صيامهم هذا قيل: مما ورثوه من الشرع
السالف, قال عكرمة: (اذنبت قريش ذنبا في الجاهلية فعظم في صدورهم, فقيل: صوموا
عاشورا يكفر ذلك)) فتح الباري 4/246 .
اختلف اهل العلم هل كان صوم عاشورا فرضا ام مستحبا على
قولين:
((القول الاول: انه كان مستحبا فقط, وهو قول
الجمهور, واستدلوا بحديث معاوية ابن ابي سفيان في الصحيحين (البخاري 2003 مسلم 1129) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: (ان هذا يوم عاشوراء ولم يكتب الله عليكم صيامه, فمن شاء صام ومن شاء افطر).
القول الثاني: انه كان فرضا, ثم نسخ وصار مستحبا عند ان
افترض صوم رمضان, وهو قول احمد والحنفية, ووجه عند الشافعية, وترجيح جماعة من المحققين
كابن حزم, والشوكاني وقبله الحافظ ابن حجر, وغيرهم.
واستدلوا على ذلك بما يلي:
1. حديث عائشة رضي الله عنها, قالت: (كانت قريش تصوم عاشورا في الجاهلية, وكان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه , فلما هاجر الى المدينة صامه وامر بصيامه,
فلما فرض شهر رمضان قال: (من شاء صامه, ومن شاء تركه) البخاري 1893 مسلم1125.
2. حديث ابي موسى في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صوموه انتم) البخاري 2005 مسلم 1131 .
3. حديث سلمة بن الاكوع, والربيع بنت معوذ رضي الله عنه في الصحيحين ان النبي
صلى الله عليه وسلم قال: ((من كان اكل , فليتم بقية يومه, ومن كان لم
يأكل فليتم صومه)).
واما حديث معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنه:
((ولم يكتب الله عليكم صيامه)), فقال ابن قدامة: رحمه الله: فهو محمول على
انه اراد ليس هو مكتوبا عليكم الان, و يؤيده ان معاوية اسلم متأخرا. اه
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويؤخذ من
مجموع الاحاديث انه كان واجبا, لثبوت الامر بصومه, ثم تأكد الامر بذلك, ثم زيادة
التأكيد بالنداء العام, ثم زيادته بأمر الامهات ان لا يرضعن فيه الاطفال, وبقول
ابن مسعود الثابت في مسلم: (لما فرض رمضان ترك عاشورا ء) مع العلم بانه ما ترك
استحبابه, بل هو باق, فدل على ان المتروك وجوبه. اه
والقول الثاني هو الراجح, والله اعلم. )) فتح العلام 2/705-706 .
الخطبة الثانية:
مسألة:
هل يكره افراد العاشر؟
قال العثيمين: ((قال بعض العلماء: انه يكره,
لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (صوموا يوما قبله او يوما بعده, خالفوا اليهود) اخرجه احمد وابن خزيمة والبيهقي في الكبرى من
حديث ابن عباس وضعفه الالباني في ضعيف الجامع برقم 3506 .
والراجح: انه لا يكره افراد عاشوراء)) الممتع 3/100 .
مسألة:
هل يصام اليوم العاشر واليوم الحادي عشر؟
ذكر اهل العلم في ذلك ثلاث مراتب:
الاولى: ان يفرد العاشر بصيامه.
الثاني: ان يصام التاسع والعاشر وعليه
الدليل.
الثالث: ان يصام يوما قبله ويوما بعده
والدليل فيه ضعيف وهو حديث ابن عباس المتقدم.
من بدع شهر المحرم:
1.
بدعة الحزن:
وهي من افعال الرافضة في هذا اليوم حيث انهم يفعلون
اعمالا ليس عليه دليل صريح ولا عقل صحيح منها: النياحة, ض ولطم الخدود, وسب الصحابة,
والبكاء على الحسين وال بيته.
قال شيخ الاسلام بن تيمية رحمه الله: ((وصارت البدع والاهواء والكذب تزداد, حتى حدث
امور يطول شرحها, مثل ما ابتدعه كثير من المتأخرين يوم عاشوراء, فقوم يجعلونه مأ
تما يظهرون فيه النياحة والجزع, وتعذيب النفوس و ظلم البهائم, وسب من مات من
اولياء الله و الكذب على اهل البيت, وغير ذلك من المنكرات المنهي عنها بكتاب الله
وسنة رسوله صلى الله عليه و سلم واتفاق المسلمين)) مجموعة الفتاوى4/326-327 .
2.
بدعة الفرح:
وهي بدعة احدثتها النواصب وهم فرقة من الخوارج من الذين
كانوا ينازعون علي رضي الله عنه الملك او ممن يغلوا في تعظيم يزيد ابن معاوية بغير
الحق.
قال شيخ الاسلام ابن القيم رحمه الله تعالى: ((واحاديث الإكتحال يوم عاشوراء والتزين
والتوسعة, والصلاة عليه, وغير ذلك من فضائله, لا يصح منها شيء ولا حديث
واحد....وقابلهم اخرون فاتخذوه يوم تألم وحزن, والطائفتان مبتدعتان, خارجتان عن
السنة, واهل السنة يفعلون ما امر به النبي صلى الله عليه وسلم من الصوم, ويجتنبون
ما أمر به الشيطان من البدع))نقد المنقول100-101 .
فالواجب على المسلمين اتباع ما جاء في الكتاب والسنة,
ومجانبة ما نهي عنه من المحدثات والمنكرات, ولزوم الصراط المستقيم, صراط المنعم
عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا, والحمد لله
جزيت خيرا كثيرا يا ابو عبدالله
ردحذف